جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب محمد يونس العبادي
من بين الوثائق الأردنية، التي توثق جانباً من موقف الأردن، وجهوده في صون القدس، بعد حرب النكسة، وثيقة بعنوان «نداء مؤتمر المقدس».
وهذه الوثيقة، صادرة عن المؤتمر الكبير المنعقد بتاريخ 21 شباط سنة 1968 بعمّان، وضم قادة الفكر والسياسة والرأي وممثلي الهيئات الدينية الإسلامية والمسيحية وممثلي نقابات الأطباء والمحامين والمهندسين والعمّال والهيئات النسائية والتجارية والصناعية ورئيسي مجلس الأعيان وشخصيات رسمية.
هذا المؤتمر، يمكن اعتباره رد الفعل الأول، على سياسات التهويد التي قامت بها السلطات الإسرائيلية، ووجه نداءً عالمياً.
وجاء في متن النداء، بأن إسرائيل الذين ملأت الدنيا ضجيجاً كاذباً في رغبتها بالسلام... فيما تتكشف رغبتها في المزيد من التوسع ليس فقط بإصرارها على رفض الانسحاب من المناطق العربية المحتلة حديثاً وإنما فيما يطبقونه بالنسبة لمدينة القدس العربية من سياسة بالغة الخطورة».
ونوه النداء إلى قراري الدورة الطارئة للجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة الصادرين في شهر آب سنة 1968م القاضيين بعدم شرعية ضم القدس العربية لإسرائيل وبرغم قرار مجلس الأمن الإجماعي القاضي بالانسحاب وبرغم ميثاق الأمم المتحدة بمنع الضم والإلحاق.
وحذر النداء الذي وجه للعالم، من تنفيذ مخططات تهويد مدينة القدس العربية باستملاك الأراضي والمباني العربية، بالإضافة إلى إسكان عشرات آلاف اليهود وحل وإلغاء كافة المؤسسات العربية والإسلامية في القدس والعبث بها بعد أن ألغت جميع المشاريع المدنية التي كانت قائمة قبل الحرب واستبدالها بأخرى خلافاً للأعراف والإرادة الدولية.
وانتقد النداء إلغاء بلدية القدس العربية وجميع الدوائر العربية الرسمية واستبدالها بدوائر يهودية وهدم أحياء بكاملها وعشرات المباني خارج وداخل سور مدينة القدس القديمة وتشريد مئات العائلات المقدسية التي يعود تاريخ وجودها في القدس إلى أقدم العصور التاريخية، بالإضافة إلى عدم صون حرمة الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية.
كما حذر النداء من مخططات قائمة آنذاك بالاستيلاء على الحرم القدسي بحجة أنه (جبل البيت) بعد أن سبق لهم ورفعوا العلم الإسرائيلي فوق قبة الصخرة المشرفة.
وختم النداء بالقول مخاطباً «الضمير العالمي الذي طالما هزته آلام البشرية ومآسيها الذي انتفض ضد النازية والفاشية والذي يرفض الاحتلال واقتلاع الشعوب من أوطانها وتقتيل وتشريد الأطفال والنساء والشيوخ وتعذيب النفس البشرية».
وخاطب الإنسان المسلم في العالم الإسلامي الكبير المؤمن بقوله تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله) والمؤمن بقول رسول الله (لا تشد الرحال إلّا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى) والذي يحزنه أن يرى القدس بلد الإسراء والمسجد الأقصى أولى القبلتين في أيدي الصهاينة الأشرار.
كما دعا العالم المسيحي المؤمن برسالة السلام والمحبة المتجه بعقيدته نحو مهد المسيح رسول السلام، إلى الوقوف على الأعمال العبثية التي تمس هوية المدينة.
إن هذه الوثيقة واحدة بين مئات تروي جهود الأردن بقيادة ملوك بني هاشم، في صون هوية المدينة، ما كرس خطاباً عالمياً ما زال لليوم رافضاً للمساس بالأقصى.