جفرا نيوز -
جفرا نيوز - الدكتور رافع شفيق البطاينة
يعتبر مشروع اللامركزية وتجربتها، فكرة رائدة ومتميزة لتحسين واقع الخدمات التنموية في المحافظات، من خلال جعل قرار إختيار أولوية نوعية الخدمات لأهل المحافظات أنفسهم بعيدا عن مركزية قرار عمان، على قاعدة أن أهل مكة ادرى بشعابها، وكأول تجربة نفذت في الأردن
وبعد مرور أربع سنوات على انتخاب أولى هذه المجالس في كل محافظة، فإنني أرى وبحكم تجربتي العملية مع هذه المجالس، فقد حققت هذه التجربة نجاحا جيدا وإن شابها بعض التحديات والعقبات والمعيقات التشريعية، والإجراءات الإدارية التي عطلت وبطأت من تنفيذ العديد من المشاريع التي رصدت في موازانات المحافظات للسنوات الثلاث الماضية 2018 - 2020 بالإضافة إلى جائحة كورونا، وحتى نحكم على نجاح هذه التجربة أو فشلها وتقييمها تقييما موضوعيا، لا بد من اعطائها فرصة جديدة ودورة ثانية للحكم عليها، مع إجراء بعض التعديلات على القانون الحالي، وتعديل الإجراءات الإدارية المتبعة وآليات طرح عطاءات وتنفيذ المشاريع المدرجة في موازانات المحافظات، وتفويض المزيد من الصلاحيات الممنوحة للوزراء والأمناء العامين للوزارات لمدراء المديريات في المحافظات، وتعزيز كوادرها الفنية والإدارية المختصة بدراسة المشاريع والإشراف على تنفيذها، دون الرجوع إلى المراكز الوزارية في عمان.
وبحكم تجربتي العملية وخبرتي القانونية في هذا المجال ميدانيا لمدة ثلاث سنوات أود أن أقدم رؤيتي القانونية والإدارية لتطوير وتحديث قانون اللامركزية وتجاوز المعيقات الإدارية حتى تحقق التجربة نحاجا ملموسا في هذا المجال :
أولا : في المجال الإداري :
- فصل أي ارتباط تشريعي بين البلديات ومجالس المحافظات، من خلال إلغاء أي ذكر للبلديات أينما وردت في قانون اللامركزية . على إعتبارا أن البلديات مؤسسات مستقلة ومنتخبة شعبيا ولها موازانات مستقلة. ولها قانونها المستقل الذي ينظم عملها، ويحدد صلاحيات مجالسها، ولها وزارة مستقلة وهي وزارة الإدارة المحلية " البلديات" سابقا.
- تعتبر مجالس المحافظات كذلك مؤسسات مستقلة، وهي كذلك منتخبة شعبيا، ولها موازنة مستقلة، وقانونها المستقل الذي ينظم عملها وصلاحيات مجالسها بالتكامل مع الأنظمة والتعليمات اللازمة لعملها، وترتبط مع وزير الداخلية.
- المجالس البلدية مسؤولة عن الخدمات الداخلية لمناطقها ضمن الإختصاص والتي هي داخل حدود تنظيم البلدية، وخدماتها محددة ومحصورة بتعبيد الطرق الداخلية، وانارتها، وإزالة النفايات، وتنظيم الأسواق التجارية، ومنح رخص المهن والبناء، واستيفاء المسقفات ورسوم المعارف، وأي خدمات داخلية وفق ما ورد في قانون البلديات. فهي لا تستطيع ولا تملك صلاحية بناء المدارس والمستشفيات، والصرف الصحي، وغيرها من الخدمات التي هي من صلاحيات الوزارات المختلفة.
- صلاحيات مجالس المحافظات تتلخص في كافة الخدمات التي هي ليست من صلاحية البلديات، والتي هي من اختصاص كافة الوزارات المختلفة، كالمياه والأشغال العامة ، والتربية والتعليم، والتعليم العالي، والصحة، والزراعة.... الخ.
- يجب توفير مقرات وكوادر إدارية مستقلة لهذه المجالس لتتمكن من القيام بواجباتها على أكمل وجه.
- تعزيز مديريات الأشغال العامة ومديربات الأبنية الحكومية بالكوادر الفنية والإدارية اللازمة من مهندسين من مختلف التخصصات لتتولى عملية دراسة العطاءات والمشاريع والإشراف عليها بكل حرفية ومهنية دون الرجوع إلى مراكز الوزارات في عمان، تقصيرا للوقت وتوفيرا للجهد ولسرعة الإنجاز لهذه المشاريع. مع تعزيز وتفويض الصلاحيات اللازمة لإنجاز هذه المشاريع بالسرعة الممكنة.
- إفتتاح دوائر فرعية لدائرة العطاءات العامة، إما في كل محافظة، وإما في كل إقليم حسب الإمكانيات المتاحة لوزارة الأشغال العامة بهذا الخصوص لتتولى إجراءات طرح عطاءات مشاريع مجالس المحافظات بدلا من الذهاب إلى الدائرة الرئيسية في عمان، مما يسرع في طرح وتنفيذ المشاريع، ويخفف الضغط عن المركز في عمان.
- أن يكون المحافظ هو المرجع المختص للموافقة على أي تعديلات للمشاريع المدرجة في الموازنات، أو إجراء أي مناقلات مالية من مشروع لآخر، أو الموافقة على إضافة أي مشروع جديد في الحالات الطارئة الملحة والغير مدرجة في الموازنة المقرة، دون الرجوع لمراكز الوزارات في عمان، وإنما إرسال نسخة من القرار للوزير للعلم.
- تعديل التشريعات أو الأنظمة المالية بحيث يسمح بنقل الموازانات المرصودة للمشاريع التي طرحت للتنفيذ بعطاءات رسمية ولم تكتمل إلى العام الذي يليه من خلال حفظها كأمانات للعام الذي يليه لنفس المشروع.
ثانيا : التعديلات القانونية :
- فصل أي ارتباط تشريعي ورد في القانون بين البلديات ومجالس المحافظات، وإلغاء أي ذكر للبلديات حيثما وردت في القانون. وهي البند " ٣" من المادة " ٣"، البنود ( ١، ٢، ٤) من المادة (٥). البند (٦) من المادة (٧).
- إلغاء تعيين مدراء الأقضية في المجالس التنفيذية الواردة في البند (1) من الفقرة (أ) من المادة (4) والأكتفاء بالمتصرفين.
- تعديل البند (٢) من الفقرة ( أ) من المادة (٤) بأن يكون كافة المدراء الفرعيين لأي مديرية في المحافظة أعضاء في المجلس التنفيذي، مثال مدراء التربية والتعليم على سبيل المثال لا الحصر.
- إضافة ( أو من يمثلهم) في آخر البند ( ٣) من الفقرة ( أ) من المادة ( ٤).
- إلغاء جملة ( والتأكد من انسجامها مع الاستراتيجيات والخطط الوطنية) الواردة في البند ( ١) من المادة ( ٥) كونها حشو انشائي لا داعي لوجودها.
- إلغاء البند ( ٥) من المادة ( ٥) كونها متناقضة مع مضمونها لأن هذا من واجب الإدارات التنفيذية الأصلية بأن تطور وتحسن سير عملها، وهذا الأصل أن يكون من صلاحيات مجلس المحافظة.
- إلغاء كافة التعيينات لأعضاء مجالس المحافظات لأنها لا تراعي أسس موضوعية وعادلة، ومعظمها تكون منفعية وشخصية، والأصل أن يكون كافة أعضاء المجلس منتخبين انتخابا لتحقيق العدالة والمساواة بين الأعضاء، وهذا التعيين مخالف لأحكام المادة السادسة من الدستور الأردني والتي تنص على أن الأردنيون متساوون في الحقوق والواجبات.
- إعادة النظر بعدد أعضاء مجالس المحافظات وتخفيضها بما لا يزيد عدد كافة الأعضاء في كافة المحافظات عن ( ٢٠٠) مئتي عضو، بحيث توزع على الألوية بأن يكون للواء القصبة أربعة أعضاء، والألوية الأخرى المستقلة ( المتصرفيات) عضوين اثنين، مع مراعاة المحافظات التي لا يوجد فيها سوى لواء واحد مثل محافظة جرش، بالإضافة إلى كوتا النساء وهي مقعد واحد في كل لواء.
- إلغاء البند (3) من الفقرة (أ) من المادة (8) الغاءا تاما لأنها تتعارض مع استقلالية مجالس البلديات المنتخبة شعبيا، مثلها مثل مجالس المحافظات، ولذلك لا يجوز أن يكون لمجلس المحافظة سلطة رقابية أو حتى إشرافية على المجالس البلدية، ولأن يشكل حالة من التحسس بين المجلسين، على الرغم أن المجالس البلدية ترفض السماح لمجالس المحافظات بالإطلاع على موازناتها.
- فصل أمانة سر المجلس التنفيذي عن أمانة سر مجلس المحافظة، بأن يكون أمين سر مجلس المحافظة موظف مستقل ومعين لحساب مجلس المحافظة.
- تعديل البند ( ٦) من الفقرة (أ) من المادة (19) بإلغاء كلمة " لأي حزب" والسماح للحزبي بالترشح لمجالس المحافظات. لأن هذا النص يتناقض مع قانون الأحزاب، وتوجه الدولة بتشجيع المشاركة الحزبية، وتشجيع الناس على الإنخراط والإنتساب في الأحزاب السياسية.
- توضيح البنود (1، 2، 3) من الفقرة (2) من المادة (36) ما هو المقصود بالمخالفة الجسيمة للقانون، والإخلال الجوهري بالأعمال الموكولة إليه ، وارتكاب أي مخالفة تلحق ضرر جسيما بمصالح المحافظة أو المملكة.
بالإضافة إلى تعديل كافة الأنظمة الصادرة بموجب هذا القانون والتي تتعارض معه، وتحد من صلاحيات واستقلالية مجالس المحافظات.
فباعتفادي إن تمت هذه الإجراءات ستحقق اللامركزية نجاحا باهرا، وتحد من دور النواب في المطالبات الخدمية، للتفرغ لدورهم الدستوري في الرقابة والتشريع، وتخفض من مدة خطاباتهم في مناقشة الموازنة العامة السنوية والثقة للحكومة لأنها سوف تخلوا من مطالب خدمية لدوائرهم الإنتخابية، وسوف تصبح من صلاحيات مجالس المحافظات ومن اختصاصهم.