جفرا نيوز -
جفرا نيوز - المهندس عادل بصبوص
توقع الكثيرون بأن التعديل الأول على حكومة د. بشر الخصاونه سيكون جوهرياً وذو مغزى وسوف يمثل بداية لنهج وسياسة مختلفة تستجيب للتحديات الهائلة التي تواجه الوطن بمجمله، وقد شجعهم على ذلك الموقف الحازم وغير المسبوق الذي اتخذه رئيس الوزراء بإقالة وزيرين هامين خالفا تعليمات أمر الدفاع، الأمر الذي عجل بإجراء هذا التعديل والذي أصبح متطلباً ملحاً في ضوء الضغوطات التي تتعرض لها الحكومة لإيجاد مخارج وحلول للمشاكل المتزايدة جراء استمرار وتصاعد جائحة كورونا وانعكاساتها السلبية على مختلف الصعد وخاصة ما يتعلق بالجوانب الصحية والإقتصادية، أما وقد أنجز التعديل العتيد بخروج وزراء من الحكومة ودخول آخرين وتغيير حقائب وزارية لآخرين
يبرز السؤال الكبير عن أهمية التغييرات التي حصلت ومدى استجابتها لضرورات المرحلة ليس فيما يتعلق بأزمة كورونا ومتطلباتها فقط، وإنما أيضاً في مجال الاستحقاقات المتعلقة بالإصلاحات السياسية التي دعا إلى تنفيذها جلالة الملك مؤخراً
سبعة وزراء إضافة إلى وزيري الداخلية والعدل المقالين، هم من خرج من الحكومة وفقاً للتعديل، في محاولة لمعالجة عثرات اعترت تشكيل الحكومة قبل خمسة أشهر، حركة موضعية لن تدفع أشرعة الحكومة لأي اتجاه , غادر وزير الزراعة الذي كان توليه هذه الحقيبة خطأ فادحاً، إذ كيف لكاتب وصحفي وإن كان متمرساً أن يقود وزارة متخصصة بل قطاع اقتصادي حيوي يعاني من مشاكل وعلل مزمنة، أما مغادرة أحد نواب الرئيس وإلغاء وزارة الدولة للشؤون الاقتصادية التي كان يشغلها، ومغادرة وزيرة الدولة لشؤون التطوير المؤسسي وإلغاء وزارتها، فمؤشر آخر على التخبط وغياب الرؤية، فكيف تصبح وزارات معينة اليوم عديمة النفع وحمولة زائدة وهي التي كانت مهمة وأساسية قبل خمسة أشهر فقط إلا إذا كان استحداثها في حينه مجرد جوائز ترضية أو أعطيات لهذه الجهة أو تلك
أما الوزراء الإربعة الآخرين الذين ترجلوا في محطة التعديل، فيبدو أن غياب الكيمياء وعدم الإنسجام هي السبب الرئيسي الذي أطاح بهم، فضعف الإداء وغياب الإنجازات هو تبرير غير مقبول تماماً في ضوء تواضع ومحدودية الإنجاز لكثير من الوزراء الذين لم يشملهم التعديل وخاصة الذين يتولون الحقائب ذات الصلة المباشرة بجائحة كورونا وآثارها الصحية والإقتصادية
لا تقتصر ردود الأفعال في الشارع ولدى النخب على الوزراء الذين طالهم التعديل، بل تشمل أيضاً وزراء تجنبهم التعديل بشكل يثير الدهشة والإستغراب ويطرح تساؤلات عن جدوى ومردود عملية التعديل برمتها، ألم يكن من المناسب بل والضروري أيضاً أن يشمل التعديل وزارة التنمية السياسية والشؤون البرلمانية خاصة ونحن على أعتاب مرحلة أصلاح سياسي أطلق شرارته الأولى جلالة الملك مؤخراً، فكيف لوزير تربع على عرش هذه الوزارة لسنوات طوال، أن يقود الجهود القادمة والتي يفترض أن تنقلب على مخرجات أو نتائج هو نفسه من عمل عليها أو كان عراباً لها
ماذا عن الاستثمار والذي يكاد يشكل التحدي الأبرز على الساحة المحلية، هل يكمن الحل حسب ما أسفر عنه التعديل، في إلغاء وزارة الدولة لشؤون الاستثمار والتي كان يحملها أيضاً وزير العمل، والذي أدى تكليفه بهذه الحقيبة في حينه إلى استقالة مدير عام هيئة تشجيع الاستثمار د. خالد الوزني ؟
إما بخصوص الوزراء الذين دخلوا الحكومة بموجب التعديل ففيهم وزراء سابقون، لا يتضمن تاريخهم الوزاري إنجازات لافتة تبرر عودتهم الميمونة مجدداً في هذه المرحلة الحرجة من عمر الوطن، ولن تشكل إضافتهم علامة فارقة في سجل انجازات هذه الحكومة.
ختاماً نؤكد أن التعديل الحكومي بمجمله قيد خيب الآمال في تحقيق تغيير جذري وحقيقي في المشهد العام، إلا أن الموضوعية تقتضي أن نشير في هذا المقام إلى مشاعر الارتياح التي قوبل بها تعيين وزير الداخلية الجديد وهو من أبناء المؤسسة العسكرية وكان له حضور متميز في خلية الأزمة المتعلقة بجائحة كورونا، إضافة إلى أن التعديل الحكومي الأخير قد ساهم بعض الشيء "بترشيق" الحكومة حيث انخفض عدد أعضائها من اثنين وثلاثين إلى ثمانية وعشرين وزيراً وهو رقم ما زال كبيراً بكل المقاييس.
حفظ الله هذا البلد وجنب أهله الطيبين كل مكروه.