جفرا نيوز- محمود كريشان
في عمان الهاشمية الأبية.. لابد ان تكون البداية من ابرز معالمها الدينية والتاريخية المسجد الحسيني الكبير، الذي تصدح دوما وابدا مآذنه الشامخة بنداء التوحيد.. لا اله الا الله.. محمد رسول الله.. إذ يعتبر اهالي وسط المدينة ومحيطها ان الصلاة في هذا المسجد هي طقوس دينية متوارثة، واداء الصلوات في رحابه الطاهرة، حيث تتزين ذاكرة اهلها بأريج الذكريات العطرة في هذا الحمى الهاشمي الغالي فيما بينهم.
كبار العلماء
وهنا.. يستذكر اهل عمان ان وزارة الاوقاف كانت تقوم سابقا باستضافة كبار العلماء والمقرئين من الدول العربية مثل الشيخ محمد متولي الشعراوي وعبدالباسط عبدالصمد والطبلاوي والحصري لإحياء أمسات دينية في المسجد الحسيني،حيث كان يتم تزيين المسجد وساحاته ومآذنه بحبال الزينة والإضاءة الزاهية.
وهذا ما أكده الشيخ محمود اللوباني مشرف دار القرآن في المسجد أن وزارة الأوقاف كانت في السابق تستضيف كبار العلماء والمقرئين من الدول العربية مثل: الشيخ محمد متولي الشعراوي وعبدالباسط عبدالصمد والطبلاوي لإحياء أمسات دينية في المسجد الحسيني وسط حضور كبير جدا من ابناء وسط المدينة والمناطق المحيطة بها.
فيما كان ابرز شيوخ المسجد الشيخ حسن المغربي والشيخ عزيز شعيب والشيخ خضر الشنقيطي والشيخ حمزة العربي والشيخ محمد الراميني.
كبير المقرئين
في هذا المسجد الذي كان يتواجد فيه كبير المقرئين المرحوم الشيخ كامل اللالا والذي كان يقوم ومنذ ساعات الظهيرة بتلاوة القرآن الكريم وترديد الاناشيد الدينية في مدح الرسول الكريم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، واناشيد اخرى تدعو الى عمل الخير وصلة الارحام واداء الصلوات والتشبث بمكارم الأخلاق والحرص على البر والاحسان ورعاية الأيتام قبل ان يتوفاه الله قبل فترة وجيزة.
تلاوة وتجويد
في رحاب المسجد الحسيني وسط البلد، أحد أبرز المعالم الدينية والتاريخية في عمان القديمة، يتطوع الشيخ محمود اللوباني في الاشراف على دار القرآن الكريم في المسجد الذي يعمل فيه منذ العام 1960. ويتطوع الشيخ اللوباني، على ما افاد لـ»الدستور»، بتعليم تلاوة وتحفيظ القرآن الكريم في المسجد، مبينا ان دار تعليم القرآن الكريم تستقبل جميع الراغبين بتعلم التلاوة والتجويد وشرح المعاني ولجميع الأعمار بمن فيهم الاطفال، ومنذ ساعات الصباح وحتى المساء. ويتم التركيز على تعليم الاجيال الناشئة بصورة خاصة وتستمر الدار في عملها حتى آذان المغرب من كل يوم.
منبر جديد
وتنفيذاً للتوجيهات الملكية بإعادة تأهيل المسجد الحسيني الكبير بما يليق بمكانته الإسلامية والتاريخية، والمحافظة على طرازه المعماري الحضاري، نفذت وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية التخطيط بناء منبر خشبي للمسجد وهذا المنبر الجديد يماثل منبر صلاح الدين في المسجد الأقصى المبارك، حيث تمت أعمال بناء وتركيب المنبر الجديد بإشراف من الطواقم الهندسية والفنية في جامعة البلقاء التطبيقية.
إعادة تأهيل
ايضا وتنفيذا لما أمر به جلالة الملك عبدالله الثاني بإعادة تأهيل المسجد الحسيني الكبير، نتيجة الحريق الذي شب فيه عام 2019 وايعاز جلالته للجهات المعنية القيام بكافة أعمال الصيانة وامداده بما يلزم من تجهيزات ووضع خطة دائمة للسلامة العامة وأجهزة الإنذار والحريق، وتكفل جلالته بإعادة تأهيل المسجد، بما يليق بمكانته الإسلامية والتاريخية، ويحافظ على طرازه المعماري الحضاري»، إضافة الى ما أمر به جلالة الملك بتزويد المسجد، بالأثاث والتجهيزات والسجاد اللازم، والإسراع في وضع خطة للسلامة العامة، وأجهزة الإنذار والحريق، بهدف الحفاظ على المسجد وتأمين السلامة العامة للمصلين، حيث ان اعمال الصيانة والترميم تمت بصورة فورية بمتابعة واشراف مستمر من الطواقم الهندسية والادارية والفنية في الديوان الملكي والقصور الملكية العامرة.
وقد شملت اجراءات ترميم الطابق الثاني الذي وقع فيه الحريق عبر مراحل تنظيف الحجر الخارجي واجراء شبكة تمديدات كهربائية جديدة للمسجد كاملا، واعادة بناء وتأثيث المكتبة، وتحديث كافة اجهزة التكييف في المسجد، حيث تم تركيب ثماني طفايات وتوزيعها في اروقة المسجد، ضمن خطة للسلامة العامة، وأجهزة الإنذار والحريق، بهدف الحفاظ على المسجد وتأمين السلامة العامة للمصلين.
كما تم تغيير السجاد واعادة فرش المسجد بسجاد جديد، وتحديث السماعات واجهزة الاتصال وترميم المنبر وتنظيف الواجهة الحجرية الخارجية للمسجد بواسطة القذف الرملي والمائي، وتجميل الساحة الخارجية للمسجد وازالة العشوائيات منها.
قبة سماوية في غضون ذلك شُكلت لجنة من الديوان الملكي الهاشمي، ووزارة الأوقاف، وأمانة عمّان بتوجيهات ملكية، لوضع التصاميم اللازمة لإنشاء قبة سماوية زجاجية جديدة للمسجد الحسيني على نفقة جلالة الملك عبدالله الثاني بعد ان تعرضت «مظلة الرواق» الخارجية للمسجد الحسيني للسقوط مؤخرا جراء تراكم الثلوج عليها، حيث إنّ القبة الجديدة ستغطي الساحات الخارجية للمسجد الحسيني، وبما يسهم في زيادة سعته للمصلين، ويتناسب مع مكانته الدينية والتاريخية.
رواد المسجد.
ومن رواد المسجد الدائمين بالاضافة لتجار المدينة وزوارها، يحرص العين م. عبدالرحيم البقاعي على اداء الصلاة في هذا المسجد وقد تبرع البقاعي سابقا بتركيب شبكة الطاقة الشمسية للمسجد، والحاج عثمان محمد علي بدير وتاجر الساعات الفاخرة في شارع فيصل الباشا عمران عبداللطيف الذهبي، وعضو المجلس المحلي للعاصمة مازن عبدالرزاق الشربجي، ومالك كشك الثقافة حسن ابوعلي، وتاجر الذهب العريق الحاج خلدون سالم العقايلة وشقيقه الحاج زيدون ووزير الزراعة الاسبق احمد ال خطاب ومساعد امين عمان الاسبق في امانة عمان المهندس احمد العبيني ومدير الاحوال المدنية والجوازات الاسبق المحامي العين الباشا مروان قطيشات، ومأمور اجراء عمان الاسبق المحامي صلاح علي المبيضين «ابوعلي»، والسفير احمد علي مبيضين وتاجر القهوة مجدي محمود الحمصي.
ذاكرة المكان
والمسجد الحسيني هو أقدم مساجد العاصمة الأردنية عمّان، أسسه الأمير عبد الله الأول ابن الحسين سنة 1923م؛ وسمّي بهذا الاسم نسبةً إلى الشريف حسين بن علي (قائد الثورة العربية الكبرى في الجزيرة العربية وبلاد الشام).
ويعدّ المسجد الحسيني الكبير أول مشروع عمراني أقيم في عمان، وسبق بناؤه بناء قصر رغدان الذي بوشر في بنائه سنة 1924م، وانتهى العمل فيه سنة 1927م. وهو ذو فناء كبير، وهو مزخرف بنقوش إسلامية جميلة، والمسجد الحسيني مبني فوق أنقاض المسجد الأموي القديم.
المسجد والزلزال
وقد أورد كل من الجغرافي أبو عبد الله محمد بن أحمد المقدسي في كتابه أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم وياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان، وصفاً للمسجد الأموي القديم، ويمكن إجمال وصف المسجد الأموي القديم بأنه كان يتألف من صحن تحيط به من الجهات الثلاث سقائف محمولة على أعمدة، ثم بيت للصلاة سقفه محمول على أعمدة أيضاً؛ تتجه عمودياً نحو حائط القبلة. وقد بني هذا المسجد بحجارة مصنعة بشكل منتظم، كما زينت الواجهة المطلة على صحن المسجد بمكعبات الفسيفساء الملونة، واستخدم في بناء المسجد الحسيني الكبير الخلطة الاسمنتية، والتي اقتصر استخدامها أول الأمر في بناء المئذنة الشرقية ذات الخوذة الحجرية، والتي دمرت في زلزال 1927م، فتم استبدالها بالخوذة الخشبية.
وفي الأربعينيات من القرن العشرين، تم توسيع صحن المسجد وأقيمت في وسطه ميضأة، كما أضيفت المئذنة الغربية بارتفاع طابقين مشابهة للمئذنة الشرقية، ولكنها ذات خوذة حجرية.
وأُجريت في المسجد الحسيني أعمال إصلاحات وتجديدات واسعة في العامين: 1986م، 1987م. يذكر ان المسجد الحسيني كان يحمل اسم الجامع العمري حتى عشرينيات القرن الماضي حين أعيد بناؤه في عهد المغفور له الملك المؤسس عبدالله بن الحسين -طيب الله ثراه- العام 1341 هجرية الموافق 1921 ميلادية وحمل اسم الجامع الحسيني نسبة الى قائد الثورة العربية الكبرى الشريف الحسين بن علي.
Kreshan35@yahoo.com