النسخة الكاملة

التوجيهات الملكية بتطوير وتحديث دائرة المخابرات العامة

مهدي مبارك عبد الله

الخميس-2021-02-21
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - مهدي مبارك عبدالله

للأمانة التاريخية وتقديرا لتضحيات الشرفاء والمخلصين من ابنا الوطن في كافة المواقع نؤكد بأنه ما كان لبلدنا الغالي ان يستمر إمام كل العواصف والتحديات التي مرت به وان يتطور ويصبح نموذجاً لولا يقظة أجهزته الأمنية ووعيها وتفتحها وإدراكها لطبيعة مهامها على أكمل وجه

كما انه ما كانت يوما تلك المسيرة الأمنية المشرفة التي رافقت قيام الدولة حتى اليوم هينة ولم تكن على نسق واحد بل راوحت بين فترات مد وجزر وصعوبات جمة ولكنها ظلت تتطور وتصعد بفضل الرعاية الملكية المتواصلة حتى بلغت أعلى مراتب المهنية والاحتراف وضربت المثال في الانضباط والمنعة كرافعة أساسية للأمن الوطني بمفهومه ومعناه الشامل في جميع المرحل المهمة والدقيقة والحساسة

فلا يعرف قيمة الصحة سوى المريض حين يفتقر إليها ولا يعرف قيمة الأمن سوى من يفتقده ومن هنا فان الاستثمار في الأمن وتعزيزه كقضية مركزية تتطلب المزيد من العمل والمتابعة والتحديث حتى تحمى المسيرة وتصل الى أهدافها وعلى هذا المستوى الرفيع كان اهتمام جلالة الملك عبد الله الثاني بالمؤسسة الأمنية وحرصه الدؤوب على دور قادتها ورجالها والعاملين عليها لضمان استمرار التنمية الاقتصادية والاجتماعية والنهوض بالمؤسسات العامة للدولة في كافة المجالات ضمن منظومة إستراتيجية أمنية شاملة بكل ما ينضوي تحتها من خطط وبرامج وغايات في إطار عمل جماعي وتعاون وتنسيق مشترك متتناغم ومتنسجم مع السياسة العامة للدولة لحماية المصلحة الوطنية كأولوية عليا

جهاز المخابرات العامة الأقرب الى نبض جلالة الملك الذي يعمل بكامل طاقته ورجاله وعلى مدار الساعة للحفاظ والمحافظة على سلامة تراب الوطن وانجازاته التي تتعاظم يوماً بعد يوم وبما يوجب علينا جميعا ان نضع نصب أعيننا وفي إخلاصنا ووفائنا لهذا الجهاز الذي يحظى بثقة المواطنين وله نجاحات كبيرة في التصدي لقوى الشر والظلام من ضعاف النفوس ولكل من تسول له نفسه محاولة الإساءة إلى الوطن او المواطن او إلى إي من الانجازات التي شيدها الأجداد والآباء والأبناء في ماضيهم وحاضرهم

رسالة جلالته الأخيرة لمدير المخابرات العامة اللواء أحمد حسني اكتسبت أهمية قصوى في هذا الوقت الحساس وهذه المرحلة الصعبة باعتبارها خارطة طريق لتجديد وتحديث وتطوير دائرة المخابرات العامة وبما حملته أيضا من توجيهات ومضامين ودلالات واعدة وحكيمة وفق رؤية ملكية متقدمة ونهج عمل عصري ومؤسسي متميز كما أنها كانت خطوة ملكية رائدة وسباقة في إطار رفع درجة التطوير والتحديث وتحديد الاختصاص والقرار في عمل وأداء المطبخ الأمني الاردني في ظرف استثنائي ومرحلة مفصلية وصعبة عنوانها ( حماية الأمن الوطني من المخاطر المتعددة بكل أبعادها وإبقاء الأردن واحة أمن وأمان ) والتعامل بمسؤولية رؤية واضحة وبشجاعة تامة مع أي استحقاقات وطنية مقبلة بكل الإمكانيات والخبرات والتصورات المعاصرة

فضمن التوجيهات الملكية السامية التي أوردتها الرسالة أشار جلالته إلى جملة كبيرة من المحاور الهامة للمرحلة المقبلة من حيث الاستمرار بالعمل وبوتيرة أسرع وخطى ثابتة وإنجاز عملية التطوير والتحديث المطلوبة وفقا للمتطلبات والمقتضيات الضرورية كما وجه دائرة المخابرات العامة لتركيز كل طاقاتها في مجالات اختصاصها المهمة والحيوية للأمن الوطني والعمل ألاستخباري المحترف بمفهومه العصري الشامل وتكريس الإمكانيات اللازمة لتظل عنوانا شامخا للكفاءة الاستخبارية في مجال مكافحة ظاهرة الإرهاب والتطرف بمختلف أشكاله وصوره والتصدي للمخاطر الأمنية وويلاتها ونتائجها المدمرة وأن يظل هذا الجهاز العريق وصاحب الإنجازات التي نفاخر بها عنوانا ثابتا للمهنية والانضباط والكفاءة والشفافية والنزاهة

الرسالة الملكية اليوم لا يمكن فصلها عن اهتمامات جلالة الملك الدائمة بدائرة المخابرات والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية الأخرى ونحن على أعتاب المئوية الثانية للدولة وهي ليست رسالة جديدة على دائرة المخابرات العامة حيث تم توجيه رسائل ملكية سابقة بمضامين وتوجيهات ملكية مشابهه ركزت في جوهرها ودعوتها إلى تطوير وتحديث جهاز المخابرات العامة في العمل والبناء لكن المتميز في هذه الرسالة ان جلالة الملك وضع النقاط على الحروف في تحديد مهمة جهاز المخابرات في حفظ الأمن بمفهومة الشامل والتركيز على مكافحة آفة الإرهاب وفق أدوات وسياسات ورؤى عصرية متقدمة تتواءم وتتوافق وتتكيف مع التطورات والمستجدات وتغير الأدوات والوسائل المحلية والدولية فضلا عن توجيه الجهاز نحو الاختصاص في العمل والأداء مما يساعده أكثر في تنفيذ مهامه الدقيقة وفق التصور الملكي الشامل

يدرك جلالة الملك جيدا وبرؤية استباقية ملهمة ان الأردن والوطن العربي بأكمله مقبل على تحديات وجودية غير مسبوقة مثل صفقة القرن حتى وان توقفت مرحليا وخطط تصفية القضية الفلسطينية والتحالفات الإقليمية الجديدة في المنطقة وغيرها ما من شأنه تمريرها أن يؤدي إلى نتائج كارثية على المنطقة العربية بأسرها لسنوات ولهذا كانت الحاجة العاجلة والماسة لهذه الرسالة الملكية في خصوصية تركيزها على تطوير وتحديث الدائرة -في إطار ما هو منوط بها من مسؤوليات كبيرة في قانونها وعملها وضمان صون حقوق وكرامة المواطن والتمسك بالدستور والقانون واحترامهما بوصفهما مصدران أساسيان لاستقرار الوطن ومنعته

إن أهم ما جاء في رسالة جلالة الملك للواء أحمد حسني مدير عام دائرة المخابرات العامة وكثر الحديث حولها هي التعليمات والتوجيهات الواضحة حول ضرورة عودة دائرة المخابرات العامة إلى واجبها المهني الأساسي في نطاق اختصاصها المحدد لتكون بعد التوجيهات الملكية مسؤولة عن تزويد المؤسسات الدستورية بتقارير استخباراتية ومعلوماتية أمنية دقيقة تحتاجها وإنها سوف تلتزم بحماية الأمن الوطني وتعود إلى مكافحة الإرهاب بأسلوب احترافي وتفرغ تام كما أنها ستعمل ضمن خطة محكمة لإعادة الهيكلة التي أمر بها جلالته قبل سنتين وبمثل ما أنجز عمليا في القوات المسلحة الجيش العربي والأمن العام كما تضمّنت الرسالة الإشارة إلى أن المخابرات العامة تصدت مشكورة في الماضي لملء الفراغ وعلى أساس درء المخاطر حين عملت بمساحات واسعة ومتشعبة لكن أسباب التمكين تغيرت الآن ولا بد من تحرير الدائرة من العبء الكبير الذي واجهته مضطرة في مجالات خارج اختصاصها ( الملك يعيد توجيه بوصلة العمل نحو الأفضل ) عشية احتفالات المئوية الجديدة للدولة

دائرة المخابرات العامة في الأردن تختلف عن مثيلاتها في أي بلد آخر فهي لدينا وبنظرنا وكما تعلمنا في مدرسة القائد الرائد مؤسسة وطنية تنهض بالكثير من المسؤوليات الجِسام من خلال مديرياتها واختصاصاتها التي تصب في نهاية المطاف بحفظ أمن الوطن والمواطن وصيانة المقدرات الوطنية والمكتسبات والمنجزات التي تشكل في جوهرها مقومات الدولة التي لا تستقيم بدونها حيث يزداد إعجابنا بهذه الدائرة في كل يوم أكثر من الذي قبله ونوقن أنها الدائرة التي لا تغمض لها عين ليبقى الأردن عصيّاً وقادراً على رد مكائد المتربصين بمسيرته ووحدته

ولهذا ومع ازدياد حجم التحديات الماثلة أمام بلدنا الذي يعيش وسط إقليم ملتهب عن يميننا وعن يسارنا بات من الضروري جدا وبحيوية اكبر المضي بمنظومة الإصلاح والتحديث الأمني الشامل ومن الحق هنا ان نشهد بان لرجال المخابرات العامة ( فرسان الحق ) الأشاوس بكافة مرتباتهم دين كبير في رقابنا وهم يحرسون مسيرة الوطن وانجازاته بشجاعة وصبر ويحافظون على نعمة الأمن والاستقرار بكفاءة واقتدار ومهنية ويكفينا شرف واعتزاز ونحن نتقيأ ظلال الأمن في هذا الحمى العربي الهاشمي الأصيل اننا دائما كنا ولا زلنا بعيدين عن ( دولة المخابرات ) التي تعادي شعبها وتجعله وقوداً لأهداف غامضة وسياسات مصلحية متخبطة

بقي ان أشير إلى ان دائرة المخابرات العامة تزيدنا في كل لحظة قناعة وطمأنينة بأن خلف ظهرانينا من يسهر على راحتنا وهي بذلك تمتثل توجيهات جلالة الملك الذي يؤكد في أكثر من مناسبة على أن مسألة حماية أمن الوطن والمواطن تستحوذ على جل انتباهه واهتمامه وهو يبذل من أجلها الغالي والنفيس فللدائرة الشكر والعرفان من كل مواطن ومقيم فوق ثرى المملكة الطهور وهم يرى فيها الدائرة الذكية المحترفة بإدارتها وكافة منتسبيها وإنها سوف تنهض قي قادم الأيام بدورها وواجباتها وفق أفضل ( معايير التجديد والتطور والتحديث ) بمفهومه العصري الشامل مدفوعة بصدق انتمائها وولائها للعرش الهاشمي المفدّى وعميده ربان السفينة وقائد الوطن جلالة الملك المعزز عبد الله الثاني اين الحسين حفظه الله ورعاه
mahdimubarak@gmail.com