جفرا نيوز -
جفرا نيوز - الدكتور رافع شفيق البطاينة
يبدوا أن جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه قد وصل إلى قناعة أن الإصلاحات والتطوير والتنمية لن تتحقق دون متابعة ملكية مباشرة، لذا فقد أخذ على عاتقه مسؤولية متابعة هذه الملفات بنفسه، وترجمتها إلى حقائق عملية على أرض الواقع، وخصوصا ونحن على أبواب الدخول إلى المئويه الثانية، فبالرغم من كل التوجيهات السامية الشفوية والخطية، سواءا من خلال اللقاءات والإجتماعات مع أعضاء الحكومة، أو الحوارات المستمرة التي يجريها في قصر الحسينية مع مختلف القطاعات والتيارات والاطياف السياسية والشعبية والمجتمعية بما فيها النيابية والأعيان بمختلف تخصصاتها ومواقعها، إلا أنه لم يتحقق منها عمليا على أرض الواقع أي شيء يرضي الأعتاب الملكية السامية، ومن ثم بعد ذلك لجأ جلالة الملك إلى إصدار سبعة أوراق نقاشية خطية شاملة وجامعة لكافة الإصلاحات لكافة القطاعات والمجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والتربوية والتعليمية، والتشريعية والبرلمانية ورؤيته للأحزاب وكيفية تشكيل الحكومات البرلمانية التي يرنو إليها جلالة الملك، ويطمح بتحقيقها للنهوض بالدولة الأردنية إلى مصاف الدول المتقدمة، بما يتوافق وينسجم مع الحداثة الديمقراطية التي هي نهج الهاشميين الذين يسعون دوما إلى دولة تتحقق فيها الوحدة والحرية، والكرامة الإنسانية، والحياة الفضلى.
ولذلك ومع انتهاء المئوية الأولى للدولة الأردنية دون تحقيق طموحهم ومبتغاهم من قبل الحكومات المتعاقبة، فلجأ جلالة الملك إلى قيادة عمليات الإصلاح الشامل بنفسه، للدخول بها إلى مئوية الدولة الأردنية الثانية، فوجه الحكومة ومجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب إلى ضرورة الإسراع بتحقيق الإصلاحات السياسية المطلوبة على وجه السرعة، وفي مقدمتها قوانين الإنتخاب والأحزاب السياسية والإدارة المحلية، ومن ثم تبعها برسالة ملكية سامية إلى دائرة المخابرات العامة التي كانت دوما الحصن القوي الأمين على أمن الدولة الأردنية، ومحل ثقة القائد والشعب الأردني.
وأكد جلالته في رسالته على ضرورة أن تتولى وتطلع كل مؤسسة بمسؤولياتها ومهامها الذي رسمه لها الدستور والتشريعات المختلفة، لتخفيف الحمل عن كاهل هذا الجهاز الأمني الوطني الذي قاد أمن الأردن في أحلك الظروف الإقليمية وأخطرها، وأوصل الأردن إلى بر الأمان. ليتفرغ إلى مهامه الأصلية. وفي قراءة لمضمون الرسالة الملكية
نجد أنها احتوت أيضا على رسائل عدة لعدد من المؤسسات والأجهزة الرسمية للسعي لتطوير عملها، وأن تمارس ولايتها العامة في صلب اختصاصها الدستوري. حتى هذه الحكومة وبالرغم من مرور عدة أسابيع على التوجيهات الملكية لعملية إصلاح القوانين السياسية ما زالت تتلكأ في تنفيذ هذه التوجيهات، فكان يجب على الحكومة أن تبادر فورا بتشكيل لجنة مشتركة حكومية وخاصة من مخلتف الجهات والمختصين بهذا الشأن والبدء مباشرة بحوار جدي للوصول إلى تفاهمات وتوافقات على القوانين الإصلاحية السياسية التي نريد، ومثال آخر على التلكأ الحكومي
قانون الإدارة المحلية الذي سحبته الحكومة منذ عدة أشهر من مجلس النواب وما زال في أدراجها، على الرغم من أهمية إقرار هذا القانون بالنظر لاقتراب موعد الإنتخابات البلدية واللامركزية والتي تفصلنا عنها أربعة أشهر ونصف. فهل تلتقط الحكومة والبرلمان الرسالة الملكية وتبدأ بالتنفيذ وتحقق الطموح السامي..؟ أم أن مصيرها سيكون في أدراج البيروقراطية الإدارية كسابقاتها من الحكومات والرسائل... دعونا ننتظر،،،