النسخة الكاملة

أخي المواطن لا تغضب !

مهدي مبارك عبدالله

الخميس-2021-02-08
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - مهدي مبارك عبد الله

أخي المواطن هذه دعوة صريحة ومباشرة من أجل بقاءك على قيد الحياة التي لم يعد فيها شئ يستحق الحياة

أيها المواطن الكريم الأردني الأبي الشهم ... لا تغصب إذا كان كثير من قرارات الحكومات المتعاقبة تستهدف معيشتك وسبل حياتك وربما رزقك حين كان إعلامها الموجه بالتضليل والخداع يطمئن خوفنا ويهدئ من روعنا بأنها ستكون بلسما على فاقتنا وجوعنا وأنها ستتنزل بردا وسلاما على الفقراء والمعدمين من أتباع الطبقة الوسطى ( رحمها الله ) وأعانكم

لا تغضب ان كانت هيكلة الرواتب التي انتظرناها طويلا جاءت وهي لا تغني ولا تسمن من جوع حيث سبقها ولحقها الارتفاع الجنوني للأسعار في كل شئ و ما هي الا استمرارية لسياسة العلاج بالمسكنات المغشوشة تجرعناها من أيدي مسؤولين غير مهرة

لا ... تغضب إذا كانت حكومتنا الرشيدة لم تسمع حتى اليوم أو تتجاهل انخفاض أسعار المحروقات عالميا في أكثر من بلد وإنها تشتري من العراق بثمن بخس ونحن ( ننتظر بشغف كبير رفع الدعم عن المشتقات النفطية ) لنواجه الحياة بقهر وسلبية وصراخ في واد سحيق جراء رفع سعر البنزين تارة والسولار والكاز تارة أخرى في بداية الشتاء لتوقد مدفئتك على لهيب إحزانك وتعد طبختك على أوجاع أطفالك وتسيير مركبتك على مجاميع عذاباتك وما سيتبع ذلك من ارتفاع وغلاء وصعوبات تتمنى بعدها لو لم تخلق في بلد ( الشعب فيها ينفق على الدولة ) وتتمنى لو يكون العام الجديد بحال السابق غلاء وتعسف وقرارات

لا ... تغضب من تكرار سماع اسطوانة " ثقافة العيب " المشروخة دون سماع حقيقة غياب " مفهوم العدالة والمساواة والجدارة وتكافؤ الفرص " في وطننا بين ابني وابنك وابن صاحب لقب ( دولة ومعالي وعطوفة وسعادة ) فهنالك بون شاسع وظلم فاقع طالما أن الواسطة والمحسوبية والشللية وتنفيع الأقارب والمحاسيب أهم من كل العلوم والعلماء والكفاءات والخبرات والشهادات

لا تغضب إذا زيدت الرسوم في الكليات والجامعات ورفعوا رسوم التراخيص وأثمان المحروقات والمياه والكهرباء والنقليات ورسوم عديدة قد تنتظرك لقاء خدمات لم تتغير أو تختلف عن السابق وكثير منها يحصل على طريقة الخاوات فليس ( البلطجية من هم أصحاب السوابق ) فقط فالحكومات المتعاقبة مارست بحقنا أيضا اعتي أشكال السلب والاتوات

لا .. تغضب إذا ما كسرت ماسورة ماء أمام بيتك وصرفت سبع بطاقات خلوي مسبوقة الدفع على قسم الشكاوي دون أي اهتمام وبقي الماء شهور يضيع في الطرقات ثم يأتيك إعلام وزارة المياه ليمثل علينا دور الحريص وهو يوعينا لأمثل سبل المواطنة في عدم إسراف المياه إثناء الوضوء او الاستحمام

لا ... تغضب إذا راجعت قسم الطوارئ في مستشفى حكومي ما واكتشفت أن الطبيب الخاص أرحم في الأسعار وأفضل في المعاملة أو إذا مرض أحد أبنائك ولم تجد في صيدلية المركز الصحي دواء فأنا وأنت نعرف جيدا من يسرقه قبل ان يدخل في السجلات او يوضع على الرفوف او في الثلاجات

لا ... تغضب إذا سجلت اسمك في ديوان الخدمة المدنية ولم يتم استدعاؤك أو الاتصال بك إلا بعد الشيخوخة أو الممات وأبناء المسؤولين يعينون قبل التخرج واستلام الشهادات برواتب فلكية تعجز عن فهم سرها حسابات اللوغريتمات

لا... تغضب إذا انقطع أو تذبذب او أختل التيار الكهربائي في بيتك وعطب أجهزتك وما اشتريته بالتقسيط على مدى الحياة فشركة الكهرباء صاحبة الولاية العامة عليك تعمل ما تريد وقت ما تشاء وليس لك أي حق في التقاضي والخصومة

لا.. تغضب يا عزيزي إذا ما تم أجراء حفريات أو تعبيد في شارعك وتركت الأنقاض والمخلفات تسد طريقك وبقيت أعوام تكابد صعوبات الحياة تشتكي وتستجدي وتردد في نفسك لو كنت تنادي حيا لأسمعت ولكن لا حياة لمن تنادي ويذهب صدى استغاثتك إدراج الرياح

لا... تغضب أو تلعن اليوم الذي ربطونا فيه بشبكة الصرف الصحي بعدما أصبحت شوارعنا نوا فير و برك للمياه العادمة والنجاسة أصبحت تطالتا حتى الركب والجرذان على كثرتها تسير معنا جنبا الى جنب تقاسمنا الشقاء والعناء

لا ... تغضب إذا ذهب راتبك على أجرة البيت وأثمان الكهرباء والمياه والمدارس والمراكز الثقافية والكورسات ولم يبقى لديك شيئا للطعام والشراب والملبس وشراء ( زوج دجاج ) عفوا ( جرابات ) من البالة حتى لو كل فردة شكل

لا... تغضب إذا كنت في كل فصل شتاء تسقط في نفس الحفرة وكل عام تعاني من انسداد مجاري تصريف مياه الإمطار وفيضان مناهل الصرف الصحي وتزايد عدد المطبات والاشارات

لا ... تغضب إذا لم تجد في مدينتك أي حديقة عامة مجانية أو متنفس تصطحب إليه أطفالك ( قبل كورونا ) بعدما تم تأجيرها باسم الاستثمار للأغنياء وأغلقت في وجوه الفقراء فأصبحت أنت وعيالك تجلسون على الأرصفة والجزر الوسطية وإطراف الشوارع وبقايا الساحات

لا ... تغضب بالله عليك إذا ما ذهبت إلى مؤسسة حكومية لانجاز معاملة وقيل لك أن الصندوق اغلق والموظف انتهى عمله والساعة لم تتجاوز الحادية عشر ظهرا

لا .. تغضب إن كنت بحاجة ضرورية إلى عملية جراحية وراجعت أحد المستشفيات وأعطيت موعدا بعد عشر شهور وكأنها دعوة صريحة للانتحار بدل الانتظار

لا ... تغضب إذا أنقطع لديك الأمل بشراء بيت بسيط يؤويك أو قطعة أرض صغيرة تسترك بعدما أصبحت الأسعار عندنا تضاهي سوٍق عقارات لندن وباريس وأجور السكن سوف تدخل سوق البورصات عما قريب بلا رحمة ولا شفقة كأنها ( سوق غاب )

لا ... تغضب إذا ما علمت أن السفر في رحلة والعائلة إلى سوريا أو تركيا ( قبل الأحداث ) أرخص بكثير من الذهاب إلى العقبة أو البتراء وان تشجيع السياحة الداخلية والشعبية أشبه بكذبة نيسان نسمعها ولا نصدقها وهي تأتي في كل عام مرة واحدة

لا... تغضب إذا علمت أن عودة " مرض أنفلونزا الطيور " أصبح حلم الفقراء والمحرومين من اللحم الأبيض بعدما ارتفعت أسعار الدواجن بموازاة مؤشر سعر الذهب

لا ... تغضب إذا ذهبت إلى أي محكمة في شكوى أو شهادة وتعطل يومك كاملا أو فصلت من عملك وأنت تنتظر على باب القاضي دورك وهو ينظر إليك باستعجاب

لا ... تغضب إذا شاهدت مستحقي المعونة الوطنية أمام مراكز البريد وكأنهم متسولين حيث أن طريقة تسليم المعونة بهذه الطريقة تحرجهم وتفضحهم ولا تسترهم

لا تغضب أخي المواطن بل مت قهرا على خصم دينار على فاتورة هاتفك ورسوم أخرى هنا وهناك لصالح جامعات لا يدرس فيها أولادنا حتى لو حصلوا على معدل ممتاز والكثير من الاموال تجمع وتنفق للمياومات والسفرات والضيافة والأثاث والسيارات للمسؤولين من جيوب البسطاء والمساكين والفقراء

وأخيرا لا .. تغضب إذا تجاوز عمرك الخمسين والحسرة تغمر قلبك وأنت تدور كالرحى حول نفسك لا تستطيع ادخار خمسين دينار لأي طارئ يحل بدارك أو ينزل عليك ولا زلت تعيش في دوامة الحياة والمسؤوليات وقلة الحيلة وضعف الإمكانات ولا تجد مخرج منها وقد تكون سببا عاجلا لمجاورتك أهل الأجداث ( أي القبور ) فتجمل بالصبر واحتمل وكن على الأهوال جلدا لا تنكسر ولا تنشعر ( فأنت من شعب الكيا سفيا ون العظيم )

هذا بعض مما يحصل كل يوم ويعاني منه معظم الناس وأعتقد انه لا يوجد فرد لم يتعرض لمثلها مع هذا كله ندعوكم يا سادة يا كرام لعدم الغضب حتى لا يغضب منك وعليكم المسئول ( رئيس الحكومة آو الوزير آو المحافظ آو مدير الشرطة آو مدير الدائرة الأمنية المدنية والعسكرية ) وتتهموا بعدم المواطنة وقلة الولاء والانتماء فأنتم في الدولة الجابية وليس الراعية أبقاكم الله ذخرا وسندا لخزينة الدولة ورواتب رؤساء الحكومات والوزراء والمسئولين ليعيشوا برغد الحياة وانتم تحفرون الصخر بأظافركم بحثا عن دين أو قرض أو جمعية لشراء شريطين من حبوب المهدئات والمسكنات قبل ان تلتحقوا بركب إخوانكم المتعثرين في ديار الاغتراب وأخواتكم الغارمات في ربوع الوطن
mahdimubarak@gmail.com
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير