جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب د.موسى الشتيوي
عودة الديمقراطيين للرئاسة الأميركية بقيادة الرئيس بايدن أعطى جرعة من الأمل بعودة خيار حل الدولتين بعد فقدان سياسه ترامب من خلال صفقة القرن والتي هي نسخة من خطة اليمين الإسرائيلي المتطرف للقضاء على حل الدولتين. في أول تصريح رسمي لأحد مسؤولي الإدارة الأميركية، أعلن سفير الولايات المتحدة للأمم المتحدة بالوكالة، ريتشارد ملز التزام الولايات المتحدة بعودة العلاقات والدعم للسلطة الفلسطينية وبإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة في الضفة الغربية وقطاع غزة بجانب دولة اسرائيلية تنعم بالأمن والأمان حسب تعبيره.
هذا التصريح عباره عن إعلان للعودة للسياسة الأميركية التقليدية نحو القضية الفلسطينية والتي تتمسك بحل الدولتين حيث من الممكن إعادة إطلاق المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية برعاية أميركية ودعم دولي وعربي بعد الانتخابات الاسرائيلية المتوقع اجراؤها في شهر آذار.
في اليوم نفسه وأمام نفس المنبر حذر وزير الخارجية الأردني ايمن الصفدي من أن فرص حل الدولتين تتراجع كل يوم بسبب السياسات والإجراءات الإسرائيلية الاستيطانية وإجراءاتها في القدس الشريف وخاصة ضد المسجد الاقصى.
لا نشك بنوايا الرئيس بايدن والحزب الديمقراطي نحو حل الدولتين ولكن هل فرص نجاح المحاولة هذه المرة أفضل من غيرها والتي استمرت لأكثر من ربع قرن. السياسة الإسرائيلية لم تتغير خلال هذه السنوات فهي لا تؤمن بحل الدولتين وعملت كل ما في وسعها لإفشال هذا الخيار.
إدارة أوباما لم تستطع اقناع إسرائيل أو الفرض عليها وقف الاستيطان خلال مدة حكمه التي امتدت لثماني سنوات. أعلن جون كيري وزير الخارجية الأميركي في ادارة اوباما بعد فشل مهمته بتحقيق اتفاق بين الطرفين بأن مسؤولية فشل المفاوضات تقع على عاتق إسرائيل. منذ ذلك الحين لم تتغير السياسة الإسرائيلية نحو الفلسطينيين لا بل ازدادت تطرفًا وتشددًا في فترة ولاية ترامب والخطوات الأحادية غير القانونية التي اتخذها ترامب في القدس واعطاء الاسرائيليين حق ضم المستوطنات وغور الاردن.
إذا اتبعت إدارة بايدن نفس المنهج الذي تم اتباعه خلال الربع قرن الماضي وهو المفاوضات الثنائية الفلسطينية الاسرائيلية، فليس من المستبعد أن تراوح القضية مكانها في فترة رئاسة بايدن ويكون بذلك قد نجح بإعادة المفاوضات الى مسارها قبل صفقة القرن ولكن دون التوصل الى حل. بعبارة أخرى العودة للمفاوضات من أجل المفاوضات وإعطاء إسرائيل مزيدا من الوقت للاستمرار بإجراءاتها وسياساتها التوسعية الاستيطانية.
الحالة الوحيدة التي يُمكن أن تقود لحل الدولتين تكمن في تغيير النهج. المفاوضات الثنائية لن تؤدي لنتيجة لذا قد يكون المطلوب هو التفكير خارج الصندوق. لا بد من التوصل الى صفقة ترتكز على الشرعية الدولية يتم تقديمها كحزمة متكاملة تعالج كافة الملفات العالقة بما فيها القدس واللاجئون والأمن والحدود ويتم تقديمها للطرفين ضمن حزمة من الحوافز والعقوبات وإلزام الطرفين بها. الصفقة يجب التوصل اليها بالحوار مع كافة الاطراف الاقليمية والدولية وتشمل كل الضمانات الضرورية. قد تكون هذه هي الفرصة الاخيرة المتبقية للتوصل لحل عادل وشامل. العودة لنفس النهج السابق سيبدد فرص الحل ويصب في صالح اليمين الاسرائيلي المتطرف.
الولايات المتحدة جادة بما تقول وقد رفعت منسوب الأمل لدى العديد من الأطراف وخاصة الفلسطينية والتي جاءت بعد سياسة ترامبية كارثية. ذلك وحده لن يكون كافيًا لإنجاز المهمة وستستمر إسرائيل بسياستها الرامية لتقويض حل الدولتين. قد تكون هذه هي الفرصة الأخيرة لحل الدولتين وغير ذلك تكون الإدارة الأميركية قد أجلت إعلان وفاة حل الدولتين لأربع سنوات اضافية لا أكثر.