جفرا نيوز - بقلم الدكتور محمد أبو عمارة
-لا أدري فأنا أرى بأن حياتي مليئة بالضرب ...والذل والإهانة والتعذيب!
فتبدأ حياتي بعجني بآلة تُقطّع أوصالي و تحولني إلى خليط لزج ممل ،ثم ألطَم على وجهي دون أي مراعاة لمشاعري ولا لصراخي وأظل أتلقى اللطمات لآخذ الشكل الذي يحبونه دون أن يكون لي أي رأي، و بعد ذلك أُرمى في النار لأتعذب , و أُشوى حتى أصبح كما يرغب الآخرون ...
و قبل أن أتشافى من حروقي أُلقى على أحد رفوف المخبز .. ليبتاعني أحد الزبائن ... فهكذا هي حياتي ....
ضرب ...و حرق ...و رمي ..و عذاب .. كم أكره أنني رغيف خبز .. و كم أتمنى لو كان لي خيار آخر ....
و لكن هكذا كان نصيبي من الحياة !!!! يا صديقي !!!!
رغيفٌ آخر ....
-اااه كم أحب كونني رغيف خبز ....فأنا أشكّل أجمل حالة للتمازج و الاتحاد ، فقد كنت عبارة عن حباّت طحين متفرقة تُبعثرها نسمة ريح بسيطة ، و أصبحت كتلة واحدة بفضل الماء الذي أضاف لنا الحياة و جعل من حبيبات الطحين كتلة من العجين ، كم شعرت بدفء أخوتي و حنانهم و نحن معاً ، لدرجة أننا و حينما أُدخلنا إلى الفرن ، ليكتمل بناؤنا و تصلّبنا لم نشعر إلا بالدفء بدل الحر ، و لم نخش النار لأننا نعرف بأننا بها سوف ننضج و نكتمل و نتجمّل !!!
و نصبح كما نحن الآن ....
آااه ما أجمل شكلي ، و كم أحب نظرة الآخرين لي ...فالكل يحترمني ، و يذكرني بالخير ..
فليس هناك من يكره رغيف الخبز ....
-و لكن هناك من لا يستطيع الحصول عليّ و أصبح أنا كل أمنياته بأن يؤمنني لأطفاله ...فأنا كرغيف خبز ، حلم كل فقير، كم أكره كون الحصول عليّ صعب لدى الكثيرين ، و كم أكره الكثيرين الذين يلقونني في النفايات لكثرة توفري لديهم !!!
-و ما المانع أن أكون سببا في سعي الكثيرين و تطوير أنفسهم ، أتفق معك بأن هناك بعض المترفين و الذين لا يحسّون
بالنعمة ، يقومون بإلقائي بالنفايات ....و لكن هذه القطع المُلقاة يأكلها الطير و قطط الشوارع ، فبالنهاية هناك من يستفيد مني ...و
لربما هناك حكمة من الله بأن يقوم هؤلاء بإلقائي هنا و هناك حتى أكون طعاماً لأحد الكائنات !!!!
و هكذا دار الحوار بين رغيفيْ الخبز ، و جدل بدأ و لن ينتهي !!
و هي هكذا نظرتنا لكل شيء بالحياة فإما أن تكون إيجابي النظرة أو غير ذلك !!!
اقترب دوماً من الإيجابيين لأنهم سوف يغيّرون من طريقة نظرتك للأشياء !!!