جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب د. موسى الشتيوي
بتنصيب جو بايدن رئيسًا للولايات المتحدة تكون قد طويت صفحة ترامب الرئاسية العاصفة والتي أدت لحدوث هزات سياسة داخلية وخارجية.
لن تكون رئاسة بايدن سهلة فهو يرث تركة صعبة من القضايا والملفات التي أدت إلى إحداث العديد من الاختلالات الداخلية وزعزعة مكانة الولايات المتحدة عالميًا وعصفت بالكثير من ثوابت السياسة الاميركية الداخلية والخارجية.
ملفات صعبة تنتظر ترامب وإدارته الجديدة، فداخليًا هناك تحدي كورونا التي حصدت حياة اربعمائة ألف مواطن وتركت آثارًا سلبية على الاقتصاد. الأهم داخليًا هو كيفية معالجة الانقسامات الحادة داخليا التي ساهم بها ترامب بسياساته الشعبوية واليمينية المتطرفة والتي باتت تهدد السلم المجتمعي وتماسك المجتمع الأميركي.
الملفات الخارجية لا تقل أهمية عن القضايا الداخلية والتي أضرت بسمعة ومكانة الولايات المتحدة لدى حلفائها قبل أعدائها. وبالرغم من تفاوت أهمية هذه الملفات للولايات المتحدة إلا أنها كلها مجتمعة تشكل نمطًا من السياسة التي أضعفت الدور القيادي للولايات المتحدة وأخرجتها عن توازنها التقليدي وأدت الى الفوضى في حالات عديده. هناك ثلاثة ملفات رئيسة سيجد بايدن نفسه مضطرًا للتعامل معها في نفس الوقت.
الملف الأول هو العلاقة مع الصين الدولة الصاعدة اقتصاديًا وسياسيًا والتي تتميز الآن بالعدائية الكبيرة حيث إن الكثير من المحللين اعتقدوا أن هناك حربا قادمة لا محالة بين الولايات المتحدة والصين. الصين ومنذ فترة رئاسة أوباما تم تصنيفها كالتحدي الأكبر لأميركا حيث تحول التركيز في نهاية عهد أوباما على مواجهة الصين استراتيجيًا وعلى كافة الأصعدة. قد تكون الخطوة الأولى المطلوبة من الإدارة الجديدة هو خفض التصعيد بين البلدين وبناء جبهه عريضة وخاصة مع الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية لمجابهة التنين الصيني ومحاولة العودة لعلاقات متوازنه معها.
الملف الثاني المهم هو الملف الإيراني والذي شهد تصعيدًا غير مسبوق خلال فترة ترامب حيث إنه انسحب من الاتفاق النووي وحاول تضيق الخناق اقتصاديًا على إيران املًا في احتواء برنامجها النووي وسياستها الإقليمية. لا بد ان ايران تشعر بالراحة بذهاب ترامب دون أن يثنيها عن سياساتها التي تحدته بها خلال السنوات الأربع الماضية. لقد أعلن بايدن ووزير خارجيته المترشح رغبتهما في العودة للاتفاق النووي مع إيران ولكن العودة لن تكون تلقائية. هناك قضايا جديدة برزت خلال السنوات الماضيه تثير قلق الحلفاء الإقليميين والأوروبيين، اهمها برنامج الصواريخ البالستية وتخصيب اليورانيوم والهيمنة الإيرانية الإقليمية من خلال أتباعها وانصارها والتي سوف تكون كلها حاضرة في أي مفاوضات جديدة.
الملف الأخير هو القضية الفلسطينية والتي شهدت في زمن ترامب أكبر التحولات من خلال صفقة القرن التي اعلنها ترامب العام الماضي. بايدن لن يستطيع تغيير كل الخطوات التي اتخذها ترامب على أرض الواقع وخاصة فيما يتعلق بنقل السفارة الأميركية للقدس وضم الاراضي الفلسطينية.
لكن المهم أن وزير خارجيته المرتقب أعلن قبل عدة أيام تمسك الولايات المتحدة بمبدأ حل الدولتين، بالإضافة للموقف المعلن مسبقًا فيما يتعلق بملف الاستيطان والذي يعتبر مهمًا من منظور العودة للمفاوضات بين الأطراف المعنية على الأسس والمعايير والثوابت الدولية والاتفاقيات المبرمة سابقًا.
بالرغم من أن العالم تنفس الصعداء بانتهاء حقبة ترامب وتنصيب بايدن بتوجهاته المختلفة تماماً عنه إلا أن بايدن لا يملك عصًا سحريًة لمعالجة هذه الملفات. ايجاد حلول لهذه المشاكل تعتريه صعوبات جمة قد لا يكون من السهل عليه تجاوزها لاسيما في ضوء التغيرات الكبيرة التي حصلت على أرض الواقع، ولكن من المتوقع أن يجلب بايدن معه ديناميكية جديدة للسياسة الأميركية الخارجية التي ترهلت في زمن ترامب وعلى الأقل ستكون معالمها ومعاييرها السياسة أكثر وضوحًا وتصبح الأطراف كافة قادرة على التعامل معها وتوقع مخرجاتها.