جفرا نيوز -
جفرا نيوز - حمادة فراعنة
دققوا بأفعال مؤسسات المستعمرة الإسرائيلية ومواقف أجهزتها وأدواتها وقرارات ما يصدر عنها بحق كل ما هو فلسطيني عربي إسلامي مسيحي درزي: عدم الثقة، نكران الواقع، رفض الرواية، تشويه التاريخ، ممارسة التضليل والكذب، وفرض البديل العنصري عبر الهيمنة والأسرلة والعبرنة والتهويد.
فلسطينيو الداخل أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، صمدوا في وطنهم، وفشل المشروع الاستعماري التوسعي خلال سبعين عاماً من تغيير قناعاتهم، ورسوخ إيمانهم انهم أهل البلاد واصلها، وفشل في تبديل قوميتهم العربية، وطمس هويتهم الوطنية، ودفعهم نحو التنازل عن اسلامهم ومسيحيتهم ووحدانية إيمان بني معروف.
دققوا نحو أفعال المستعمرة المشينة بحق الثقافة والفن وأسماء الشوارع، وبحق ابداعات إيميل حبيبي وايميل توما وجورج طوبي ومحمود درويش وتوفيق زياد وسميح القاسم وعبد عابدي وكل من سار على دربهم ونبل مقاصدهم وتقدميتهم وانسانية تطلعاتهم، وهذا ما تجاوب معهم النائب عوفر كسيف ومن قبله النائب دوف حنين، وما يكتبه الصحفي جدعون ليفي والصحفية عميرة هيس.
دققوا ما فعلوا مع الفنان الممثل المسرحي السينمائي المخرج محمد بكري، ابن قرية البعينة من الجليل الفلسطيني وولد فيها عام 1953، ولا زال يرتبط معها وبها، وأرخ من خلال السينما لكل الوقائع والأحداث والتطورات الفلسطينية عبر أفلامه الوثائقية الأربعة:
الاول عن النكبة 1948، ومرور 50 عاماً على معاناة شعبه وعذاباته.
الثاني جنين جنين وعمله عام 2002 عن أحداث ومجازر وجرائم جيش الاحتلال في مخيم جنين، وبسالة أهل المخيم في مواجهة حملة السور الواقي التي قادها شارون ضد أفعال الانتفاضة الثانية التي تفجرت عام 2000، بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد، وأدت إلى حصار الرئيس الراحل ياسر عرفات واغتياله.
الثالث بعنوان « من يوم ما روحت» عام 2005، وتأريخ بسالة ووعي أهله، وعن صديقه إيميل حبيبي القائد السياسي والكاتب الفلسطيني الذي رحل عام 1996.
والرابع زهرة وهو عنوان الفيلم واسم خالته شقيقة والدته التي طُردت وتم تهجيرها إلى لبنان، وعادت خلسة بين الجبال والليالي المقفرة إلى بيتها ومعها والدته.
المستعمرة وأدواتها وزُلمها وجنودها الذين عرّاهم محمد البكري في فلمه الوثائقي «جنين جنين» حاكموه قسراً، ليكون عبرة، ومحاولة اسكاته، ووقف ابداعاته، وتعريته لمجمل المستعمرة الإسرائيلية وأفعالها وكشف حقيقتها، وإعادة صياغة الرواية الفلسطينية وتأكيد مصداقيتها.
صدر الحكم من قبل المحكمة المركزية الإسرائيلية في اللد، وتكليفه دفع التعويض للضابط الذي ادعى عليه، ومصاريف المحاكمة بما يوازي 80 الف دولار، وليس هذا وحسب بل حظر عرض الفليم في أنحاء فلسطين، وجمع اشرطته من السوق ومصادرتها، ومحو روابطه على قنوات اليوتيوب وغيرها.
محاكمة الفنان الفلسطيني محمد بكري ابن مناطق 48، تدلل على أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بين المشروعين: الوطني الديمقراطي الفلسطيني في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي لا يقتصر على شكل وعنوان وأدوات وحضور وجغرافيا وبشر، بل هو صراع على الحياة، يريدون إنهاء وجود الشعب الفلسطيني، كما حاولوا عامي 1948 و1967 وخلال كل المجازر ايام النكبة وكفر قاسم والسموع ومجازر غزة المتكررة، وليس آخرها جنين في الضفة الفلسطينية.
محمد بكري عنوان فلسطيني تضامنوا معه ليبق واقفاً، مبدعاً، معطاء، ليس فقط ليؤرخ للماضي، بل ليساهم مع شعبه في صناعة المستقبل.