جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب د. عامر بني عامر
"حذاري، أن يصل النائب إلى درجة يكون فيها مستجدياً أمام الوزارات"، هذا ما تحدث نائباً خلال الرد على البيان الوزاري لحكومة الدكتور بشر الخصاونة، الحقيقة توقفت كثيراً أمام هذه الكلمات وغيرها من الكلمات للسيدات والسادة النواب التي كانت تنادي بضرورة تعزيز استقلالية البرلمان وتحصينه من عدم التغول عليه من السلطة التنفيذية، كما ظهر ذلك جلياً من خلال مناقشات فردية كثيرة مع أعضاء مجلس النواب السابق شكى معظمهم من تغول السلطة التنفيذية على المجلس، وهنا لا بد من وضع الأمور في سياقها حتى نستطيع أن نجد حلاً لهذه الإشكالية التي أصبحت ظاهرة من وجهة نظر النواب أنفسهم ولا بد من معرفة من هو المسؤول أولاً، هل هي السلطة التنفيذية أم السلطة التشريعية نفسها!
حقيقةً اليوم نحن بحاجة إلى تعزيز إعادة تموضع السلطات حسب النصوص الدستورية المنظمة لعمل السلطات وهذا يتطلب أن نتعرف على مواطن الممارسات التي من شأنها أن تساهم في مخالفة المبادئ الدستورية، وعليه فإننا نضع مجموعة من النقاط التي لربما أن تساهم في إعادة بلورة العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بما يحفظ المبدأ الدستوري القائم على الفصل بين السلطات ولكن دون تحويل العلاقة إلى علاقة تنافسية سلبية بحيث يتنافس أفراد السلطتين على الرصيد الشعبي دون الرصيد الوطني.
مجلس النواب بكافة أعضاءه وكتله ومكتبه الدائم مطالب بأن يعزز من تفعيل الدور الرقابي لمجلس النواب دون محاباة، والعمل على متابعة أدواتهم الرقابية بشكل حقيقي، دون أن يسمح المجلس بإضعاف دوره الرقابي من قبل السلطة التنفيذية وذلك من خلال إثقال كاهل البرلمان بعدد كبير من مشاريع القوانين التي يتم إدراجها على جداول أعمال المجلس على حساب الدور الرقابي، وهنا على البرلمان وهو سيد نفسه بذلك أن يوائم بين العمل التشريعي والرقابي حتى لا يطغى أي منهما على الآخر وأن لا يساندوا السلطة التنفيذية إن كان هدفها إضعاف دورهم الرقابي.
وعليه؛ لا بد من تعديل الإجراءات التي تتمحور حول صلاحية اقتراح النواب لمشاريع القوانين بحيث يتم النظر في تقليص الإجراءات والعمل على إيجاد إلزامية التنفيذ للسلطة التنفيذية وإيجاد أدوات برلمانية لمتابعتها، كما يتوجب تعزيز العمل البرلماني وضمان استقلاليته إيجاد آلية واضحة تلزم الوزراء بالرد على الأدوات الرقابية وفقاً للمدد القانونية دون تأخير وهنا يتوجب تعديل المادة 125 من النظام الداخلي التي تجيز بتحويل السؤال إلى استجواب إذا لم تجب الحكومة خلال مدة شهر من ورود السؤال لتكون المدة في هذه المادة هي ١٤ يوماً وليس شهراً وهذا يُحمل السلطة التنفيذية مسؤولية عدم الإجابة وبالتالي يحق للنائب تحويل سؤاله إلى استجواب وقد يصل ذلك إلى طرح الثقة بالوزير أو بالوزارة كاملة وهنا أيضاً يجب أن يتضمن النظام الداخلي نصاً صريحاً يتيح للنائب طرح الثقة بالوزير الذي لا يجب على الاستجواب ضمن المدة القانونية أو الذي لا يجب أبداً على الاستجواب، وفي هذا الإطار يجب أن يدافع المجلس عن حقه فيما يتعلق بتوجيه الأسئلة بكل مهنية دون أي كون هناك محددات مرتبطة عدم ذكر أسماء الأشخاص أو طلب وثائق لما في ذلك من انتقاص للدور الرقابي لمجلس النواب، ولتعزيز الدور الرقابي بالمجمل يجب إعادة النظر بالنظام الداخلي لمجلس النواب وتفعيل الآليات الرقابية والتقليل من عدد التشريعات المعروضة على جدول أعمال المجلس بما يضمن الحفاظ على استقلالية المجلس وقدرته على محاسبة ومراقبة الحكومة.
ختاماً ان استقلالية البرلمان تساهم بشكلٍ أساسي في تعزيز منظومة مكافحة الفساد والحد منها لا سيما إذا ما تم النظر إلى مطالبات النواب الكبيرة في هذا السياق إبان مناقشات الثقة، كما أن القيام بالدور الحقيقي لمجلس النواب يتطلب بالأساس تطوير عمل البرلمانيين أنفسهم، والابتعاد عن استجداء الاستقلالية من الحكومة وأن يقف البرلمانيين بكل جدية أمام أية ضغوطات تمارس عليهم من قبل السلطة التنفيذية، وهذا يحتاج إلى أن تكون العلاقة تعاونية وتكاملية وليست استقوائية.