النسخة الكاملة

عريس في زمن الكورونا

الخميس-2021-01-13 11:56 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم د. محمد ابوعمارة

آه كم كنت أتمنى أن يكون عرسي كبيراً وأن أعزم كل أصدقائي وأبناء حارتي وأهلك وأهلي ولكن الكورونا لعنها الله! هي السبب يا حبيبتي ....
وسنعوض ذلك لاحقاً فلا بأس إن كان عرساً بسيطاً فالمهم أن نكون في منزل أحلامنا يا ريم...أن نكون معًا...معًا 
قال أحمد لعروسه ريم وقد أبدت حزناً لأن عرسها لن يكون كما كانت تحلم...فلطالما حلمت بعرس أسطوري ولكن ....هو القدر !

وجاء يوم العرس وإرتدت ريم الفستان الأبيض وذهبت للصالون وكانت من أجمل الفتيات كما أخبرتها مصففة الشعر.
والعرس لم يحضره سوى أسرة (أحمد وريم) وأقيم في بيت أهل أحمد حيث سيسكنان...في قادم الأيام.....
نزل أحمد وريم من سيارة العرس حيث قام الأهل بالغناء والزغاريد محاولة منهم لإدخال البهجة إلى قلبيهما ....
وكان أحمد يسكن في حي من الأحياء البسيطة حيث تربطه مع معظم الجيران علاقات رطبة كونه شاب نشمي ويقدم يد العون للصغير قبل الكبير، وبمجرد أن سمع الجيران بأصوات الغناء والزغاريد هبوا جميعهم للإحتفال بأحمد الذي كان ينبههم قائلاً: يا جماعة، كورونا!! هسه بننحبس!! ويومئ لوالده بأن يفرق الجموع الغفيرة من الجيران الذين أصروا على الغناء والرقص والدبك في الشارع الذي أغلق من جميع نواحيه من كثرة الحضور!!
وأحمد يضرب على رأسه ويحاول جاهداً تفريق الحضور... يا اخوان يالله عليكم اليوم عرسي ما بدي اقضيه بالسجن !
ولكن الكل مصر على احتضانه وتقبيله ، وكيف لا وهو الذي قاد الدبكة في أعراسهم جميعاً وهو الذي كان يقود حفلات الحارة كلها...

وفي الجهة الأخرى تصورت جميع النساء مع ريم واحتضنتها النساء والأطفال وقبلوها وذاب المكياج من كثرة القبل، وتلونت أذيال البدلة البيضاء من كثرة ما داس عليها الأطفال...
وبعد جهود كبيرة استطاع أحمد الإفلات والهرب من الحضور نحو قسم النساء وانتزع ريم من احضان الجارات وهرب بها إلى داخل المنزل، 
دخل احمد للغرفة التي سيسكن بها مع زوجه ريم في منزل أهله وقد أعياهما التعب والإرهاق ولكنهما كانا سعيدين من الداخل وبدأآ بتذكر ما حصل معهما اليوم وضحكا كثيرا على أحداث هذا النهار ...

وفي صباح اليوم التالي، استيقظ عريسنا أحمد وطلب من عروسه أن يحتسيا فنجان القهوة على الشرفة التي تضمها غرفتهما وخرج ليجلس على الشرفة المطلة على الساحة الرئيسية للحارة... وبعد عدة دقائق لحقته عروسه بفنجاني القهوة، اقترب منها وهم بمسك يدها وإذ بصوت جارهم أبو عمار "صباحية مباركة يا شهريار"
-أهلا عمي أبو عمار
-شو طمن أموركم تمام "وغمزه بعينه غمزة احمر وجه أحمد لها"
-فأومأ احمد له بيده اشارة نعم....
وخلال ثوانٍ كانت الأصوات تتعالى
-وجهك نور يا عريس!!
-مبروك يا عريس!!
-ألف مبروووك أبوحميد!!
-والأطفال بدأوا بالصفير...
-أحمد: أدخلي لجوا يا بنت فضحتينا!!
-العروس: ليش فضحتك؟؟
-شايفة كل الحارة متبعين معنا!
-شو دخلني وبعدين هاي حارتك أنت يا حبيبي!!
-شو مش عاجبتك حارتي؟!!
-ابوعامر "من بعيد": وحدوا الله يا جماعة!!
-ابو العبد: لأ اتركه يربيها!!
-ام سمير: البنت كويسة يا جماعة خليه يعطيها فرصة!!
-ام جلال: ليش شايفة حالك علينا يختي!!
-سائد الحداد: والله لو عندي... أخ بس لكان...!! ذبحتك!
-سيفو بياع العلكة: ولك عيب عليك والله أحمد بستاهل وحدة أحسن...
-أحمد: شايفة شايفة!! أدخلي لجوه...
-العروس: لأ، أنا بدي أروح عند أهلي أحسن...
-أبوطلال: يا زلمة طلقها والله لجوزك أحسن منها!!
-ام تامر: اخزوا الشيطان يا جماعة!!
-ام ياسر: لا والله من أولها مبينة هالعروس مش مصلية على النبي!!
-أبو العبد وأولاده: طلقها... طلقها... طلقها!!
-أحمد: ولك خلص انضبي جوّه....
تدخل ريم وتلملم ملابسها وتهم بالرحيل وأصوات الجيران تتعالى والنقاش يحتدم بين من يؤيد ومن يعارض، واستمرت ريم بلملمة حاجياتها واحتدم النقاش بين الجيران الذين لم يكتفوا بذلك بل انتقل لمرحلة الشتائم ثم تطورالمشهد وانتقل إلى الصراع والصراخ وثم التعارك بالأيدي والأقدام وأثناء ذلك غادرت ريم المنزل وهي تجر حقيبتها وسط المعارك التي يقيمها الجيران...
والأصوات تتعالى والكراسي تتطاير وريم تجر حقيبتها بهدوء...

أما أحمد فقد أخرج عود ثقاب وأشعل سيجارة وبدأ بأرتشاف فنجان القهوة على الشرفة....
وهو يراقب ما يدور في الشارع وجاره أبو عمار يغمز له بعينيه ...