النسخة الكاملة

الركن الشديد عنوان مرحلة وليس مجرد مناورة

مهدي مبارك عبد الله

الخميس-2021-01-03
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - مهدي مبارك عبد الله 

في ظل مواصلة الحصار الصهيوني على قطاع غزة منذ 14عام وضمن مشهد نادر وفريد جمع الفصائل الفلسطينية المختلفة في عمل عسكري موحد أجرت عدة فصائل فلسطينية في 29 / 12 / 2020 " مناورات الركن الشديد العنوان عبارة ( مستخلصة من القرآن الكريم ) جرت في قطاع غزة ( شارك في المناورة 14جناح عسكري ) كان من المقرر لها ان تستمر الى ثلاث أيام ثم اقتصرت الى يوم واحد وقد امتدت لعدة ساعات وجريت في أكثر من مكان في قطاع غزة وخلال المناورات أغلق البحر أمام الصيادين والمصطافين كما أغلق الشريط الساحلي كما تم إخلاء عدة مقرات أمنية وشرطية حتى انتهاء المناورات

وهي الأولى من نوعها فلسطينيا باعتبارها شكل منظم من أشكال الوحدة المتينة والجهوزية العالية بين قوى المقاومة التي تشكل صمام الأمان وخط الدفاع الأول عن شعبها الصابر وأرضها المقدسة حيث لم تقبل تغول العدو وبقي سلاحها حاضر وقرارها موحد في خوض أية مواجهة تفرض عليها في أي زمان ومكان فضلا عن تصديها البطولي المستمر لكافة مشاريع التصفية لحقوق الشعب الفلسطيني في كل الأحوال وتحت كافة الظروف

لقد فاجأت المناورات لكافة أذرع المقاومة الاحتلال الإسرائيلي بحملة من الرسائل النارية السياسية والعسكرية وأهمها قدرة الفصائل على ضرب أهداف حيوية وإستراتيجية في قلب الكيان المحتل وأنها أصبحت اليوم أشد بأسا وتماسكا وهي قادرة على مواجهة جبروت العدو الصهيوني وترسانته العسكرية الهائلة وفي كل خطواتها تحذيرا واضحا لقيادة الاحتلال من التفكير في أي مغامرة عسكرية ( حاولت إسرائيل عبر ثلاثة حروب سابقة شل حركت المقاومة وتقليص قدراتها لكنها فشلت ) وبقيت المقاومة الباسلة صامدة ومتمسكة بسلاحها الشرعي كخيار وطني وحيد للمواجهة وهي تمارس أرقى أشكال الكفاح والنضال بتوجيه الضربات المؤلمة والموجعة للعدو لتؤكد من جديد بأنها لن تسمح للعدو الصهيوني بفرض قواعد اشتباك لا ترضاها وأن الحرب مستمرة والمواجهة ستبقى شاملة بالتنسيق المشترك والتكامل والوحدة الميدانية والقيادية بين جميع عناصرها

المناورات المشتركة كانت تحاكي بجراءة تصدي وحدات الفصائل الفلسطينية لعمليات تسلل بري قد تجريها قوات الاحتلال الإسرائيلي بالإضافة إلى تدريبات لعناصرالضفادع البشرية بالذخيرة الحية للتصدي لقوات البحرية الإسرائيلية وهدفت ايضا إلى رفع كفاءة وقدرة مقاتلي المقاومة للقتال في مختلف الظروف والأوقات وتحقيق التطور في الأدوات التقنية والتكتيكات وإدارة للصراع ومن ابرز المهام القتالية التي نفذها المقاومون وأشرفت على إدارتها غرفة العمليات المشتركة للفصائل التي تأسست قبل قرابة عامين اشتراك مقاتلين من كافة الأجنحة المسلحة في عروض عسكرية وتنفيذ المسلحين لمناورات اقتحام مبان وقتلا شوارع وحرب عصابات باستخدام الذخيرة الحية إضافة إلى إطلاق العديد من الصواريخ التجريبية التي تصنعها الفصائل والتي يصل مداها إلى مدن مثل تل أبيب ( أطلق ثمانية صواريخ باتجاه البحر المتوسط )

كما شهدت شوارع القطاع انتشارا للمسلحين وقد وضع كل منهم إشارة تظهر الجهة التي ينتمي إليها وفي الإثناء حلقت في سماء غزة طائرات مسيرة ( بدون طيار ) يمتلكها الجناح العسكري لحركة حماس ومن بينها طائرات هجومية موجهة في المقابل رفع جيش الاحتلال الإسرائيلي حالة التأهب الاستخبارية بالتزامن مع انطلاق مناورات " الركن الشديد " خوفاً من تحول الوضع لحدث أمني مفاجئ وللوقوف على ما يدور وللتشويش على خطط الفصائل وقدراتها حيث لم يغادر الطيران الاستطلاعي الإسرائيلي بدون طيار الذي يستخدم في عمليات المراقبة والقصف الجوي سماء القطاع

جماهيرياً تابع سكان القطاع باهتمام شديد هذه المناورة التي تعتبر حدثاً غير مسبوق بالنسبة لهم من ناحية العمل الفصائلي المشترك حيث استعرضت المقاومة قوتها العسكرية وقدراتها التي تمتلكها تزامناً مع تهديد وتوعد إسرائيلي أعقب سلسلة من المناورات التي أجراها الاحتلال خلال الآونة الأخيرة وقد تداول ناشطون صور تظهر لغما بحريا إيرانيا يحمله عنصر من الضفادع الفلسطينية إثناء المناورات وقد تصدر " هاشتاغ " الركن الشديد مواقع التواصل الاجتماعي في عدة دول عربية كما وثق البعض جانباً منها ونشروا صور وفيديوهات عبر صفحاتهم وحساباتهم المختلفة وقد ترافق تنفيذ المناورة زخم إعلامي محلي واجنبي غير مسبوق من قبل وسائل الإعلام المحتلفة

الفصائل المشاركة في المناورات هي ( كتائب القسام وسرايا القدس وكتائب الشهيد أبو علي مصطفى وألوية الناصر صلاح الدين، وكتائب المقاومة الوطنية وكتائب شهداء الأقصى لواء العامودي وجيش العاصفة ومجموعات الشهيد أيمن جودة وكتائب الشهيد عبد القادر الحسيني وكتائب المجاهدين وكتائب الأنصار وكتائب جهاد جبريل وأطر عسكرية أخرى محسوبة على حركة فتح )

المهم في هذه المناورة أنها ستقلب في وقت قريب الرواية التي يحاول رئيس وزراء الاحتلال بنيامين النتن ياهو تصديرها لجبهته الداخلية والتي كان يحاول فيها تثبيت معادلة التفرد بكل فصيل فلسطيني على حده من دون حضور للفصائل الأخرى وقد أكد نجاح التخطيط والعمليات وحدة الصف المقاوم وتعزيز العلاقة الفصائلية المشتركة في اتخاذ قرارات التصعيد والتهدئة وطبيعة الرد على أي عدوان أو تصعيد إسرائيلي مستقبلاً بحيث يكون القرار في الميدان موحداً وبعيداً عن التفرد

أما في إطار تحليل توقيت المناورات فقد رجح الإعلام الإسرائيلي المشكك والمرعوب وبعض حلفائه المغرضين ان هدف المناورات الاستعراض العسكري وتوجيه رسالة باستعداد وكلاء إيران للتصعيد إذا ما تعرضت طهران لأي عمل في الأيام الأخيرة في ولاية ترامب وقد جاءت المناورات بالتزامن مع ظهور الأمين العام لـ " حزب الله " اللبناني حسن نصرالله في لقاء تلفزيوني أطلق خلاله عدة تهديدات لإسرائيل وبعض الدول الأخرى كما تأتي هذه التدريبات بعد انتشار أخبار عن زيارة قائد " فيلق القدس" الإيراني إسماعيل قآني للعراق وحثه المليشيات الموالية لطهران على الاستعداد للقتال

إذا المناورات هي عنوان مرحلة وليست مجرد تحركات عسكرية منظمة حملت في طياتها رسالة العزة والفخر والاستعداد والقوة والصمود والأمن والاطمئنان لكل الفلسطينيين بان مقاومتهم ستبقى يدها العليا وكلمتها الفصل ( بقوة الله ) حتى كنس الاحتلال ودحره وطرده عن كل أرض فلسطين المغتصبة وفي هذه التدريبات المشتركة أيضا برقية ردع مستعجلة وبصوت عال لجيش الاحتلال الغاشم بأن المقاومة يقظة ومتأهبة وترفض كل التهديدات والإغراءات ولن تؤتى من ضعف أو على حين غرة ولن تركع وأن كل محاولات حصارها فشلت وستفشل دائما بسواعد إبطالها ودماء شهدائها ووحدة فصائلها رغم كيد الكائدين ومؤامرات المتخاذلين من القريبين والبعيدين فانها ( لن تسلم ولن تستسلم )
mahdimubarak@gmail.com