جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب مجيد عصفور
مع انبلاج فجر اليوم الاول من عام ٢٠٢١ ندخل عام الاحتفال بمئوية دولتنا الحديثة، حين تضاء في نيسان القادم شموع بداية المئوية الثانية من عمر الدولة الاردنية.
التحضيرات للاحتفال بالمئوية بدأت منذ سنة تقريباً، إلا ان اجتياح الكورونا ربما غير من بعض فقرات الاحتفالات تمشياً مع مقتضيات السلامة الصحية.
المحافظات كلها ستشهد ندوات وفعاليات لاحياء ذكرى انقضاء اول مئة عام، وبالتأكيد سيتم تسليط الضوء على الانجازات التي غيرت حياة الاردنيين بالرغم من عظم التحديات أكانت المادية او السياسية وهذه عبارة لازمة لابراز صعوبة شق الطريق نحو المستقبل.
لا أريد الخوض في ضغوطات الجغرافيا التي حشرت الاردن بين قوى اكبر منه فهي معروفة، كما لا أريد الاسترسال بتعداد الانجازات في البنية التحتية او حتى البشرية لانها ستكون المادة الرئيسية لخطابات المتحدثين الذين سيعتلون المنصات على مدى العام الحالي.
ابرز الانجازات برأيي واهمها هو عدم تعريض الشعب الاردني للمهانة، والمحافظة على الارض الاردنية «صاغ سليم» دون اي اقتطاع قصري او تفريط طوعي بالغفلة او بالاهمال.
ان اي قارئ منصف للتاريخ لا يمكن ان يمر على حالة الاردن من حيث الموقع والامكانات دون ان يسأل عن كيفيةنجاة هذا البلد من السقوط ومن ثم التشظي والاضمحلال، فكل ما يحيط به من قوى لم تكن عوناً له في يوم من الايام بالرغم من كل المظاهر (...)، فما هو خلف الدخان مخيف ومقلق اما العدو الاسرائيلي فنواياه لا تستتر خلف دخان او غيره، فالعداء معه طبيعي ومستمر طالما انه يحتل ارض فلسطين ويطمح باحتلال ارضنا.
المحيط القوي والغني حول الاردن سقط في اوحال متعددة الاشكال ومتفاوتة في الاوجاع من اللجوء والتهجير الى فقدان الارض او جزء منها والى ضياع السيادة والاستقلال.
إلا الاردن الذي لم يعان شعبه من بهدلة وذل اللجوء ولا من قسوة الجوع وانعدام مستلزمات الحياة الكريمة وظلت ارضه على حالها كاملة غير منقوصة او مسلوبة.
البحث عن تفسير لهذه الحالة الفريدة لا يحتاج الى الذهاب الى المنجمين، بل الى تبصُر مسيرة الدولة ودراسة سيرة وسلوك الحكام والمحكومين في الوطن الاردني.
لقد كانوا باختصار راشدين بعيدين كل البُعد عن الطيش والعنتريات السياسية، ونجحوا بالوصول بسفينة الوطن الى بر الامان رغم شدة الموج وقوة العواصف التي كانت تضرب من كل الاتجاهات.
يقول بعض الراغبين بتقليل الانجازات بأن ما حصل هو تطور طبيعي للحياة، لا يمكن ان يستثنى منه الاردن وكأنه قطعة خارج الكرة الارضية كل شيء فيها متوقف حتى عقارب الساعات، واذا كان في هذا الرأي بعض منطق فإن بقية المنطق تبرز الحقيقة ولو كرهوا.
ان التسامح والوسطية واخلاق الاباء والاجداد وفروسيتهم صفات اردنية اندغمت مع نبل مقصد الهاشميين في اعلاء شأن ابناء العروبة وصون اوطانهم، دون تهور او تخاذل، فالقيادة في الاردن تشاركية بين الشعب والملوك خلال المئة عام الماضية، فلا اقصاء ولا احتكار، فتحقق بناء دولة اهم ما فيها كرامة الناس وامانهم، وما بعد ذلك نجاح وفشل يأتي بمرور الزمن، فمنا الأعوج ومنا المستقيم، هذا حال الناس في هذه الدنيا التي لا تستقر على حال.