النسخة الكاملة

المجرم ترامب والعفو عن مجرمو بلاك ووتر !!!

مهدي مبارك عبد الله

الخميس-2020-12-29
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - مهدي مبارك عبد الله

بداية الرئيس الذي يحمي المجرم هو المجرم الحقيقي لأنه يساهم ويساعد بطريقة مباشرة في بقاء الإجرام وتطوره وثباته والذي يسكت عن الجريمة فهو شريك فيها والذي بعطل حكم القانون ونفاذه بالعفو الخاص فهو محتال ومتواطئ في استخدام صلاحياته الدستورية في غير مكانها الصحيح وبما يوجب محاكمته وحبسه

في 22 / 12/ 2020 قبيل انتهاء ولايته بأسابيع قليلة اصدر الرئيس الأميركي المجرم دونالد ترامب قرارا مثيرا للجدل بالعفو الخاص عن ( أربعة من عصابة المرتزقة المجرمين ) من حراس الأمن العاملين في شركة بلاك ووتر الأمريكية للخدمات الأمنية ( لم تعد موجودة ألان ) الذين تلطخت أيدهم القذرة بقتل الأبرياء وقد استهجن القرار الإثم واعتبر صفعة قاسية للعدالة والحق ونزاهة القضاء الأمريكي واستهانة واضحة بدماء وكرامة الضحايا والشعب العراقي

لم يُظهر القتلة السفاحون أثناء التحقيق معهم أي ندم على أفعالهم ونفوا ارتكابهم أية مخالفات وقد حكموا في عام 2015 بالسجن لمدد تتراوح بين 30 عاما والمؤبد بعد إدانتهم بارتكاب مجزرة ( ساحة النسور ) التي وقعت في أيلول عام 2007 حيث أطلق الحراس الأربعة ( بول سلاو وإيفان ليبرتي وداستن هيرد ونيكولاس سلاتن ) النار بشكل عشوائي من بنادق الآلية وقاذفات القنابل اليدوية على حشد من المواطنين غير المسلحين في وسط بغداد ما أسفر عن مقتل 14 شخصا مدني وإصابة 17 بينهم نساء وطفل في التاسعة من العمر يدعى علي كناني أُصيب برصاصة في رأسه وهو جالس في سيارة والده المتوقفة من قبل عملاء بلاك ووتر الذين تم العفو عنهم

وفي التفاصيل أدين سلاو وليبرتي وهيرد بارتكاب 13 جريمة قتل عمداً و17 محاولة قتل عمد بينما أدين سلاتن وهو قناص الفريق الذي كان أول من أطلق النار بجريمة قتل من الدرجة الأولى وعقوبتها السجن المؤبد فيما حصل الباقون على 30 عاماً سجن لكل منهم

وللحقيقة والتوضيح الرئيس ترامب ومستشاروه ومنذ زمن بعيد يرتبطون بعلاقة عمل وثيقة مع إدارة شركة " بلاك ووتر " التي اشتغلت في ذروة الحرب الأمريكية على العراق وجندت الآلاف من المرتزقة للقتال في العراق نيابة عن الجيش الأمريكي وارتكبت العديد من الجرائم لكنها تمكنت من الإفلات من العقاب إلى حد كبير

لهذا لم يكن القرار مفاجئاً للأمريكيين حيث كان مؤسس " بلاك ووتر " إيريك برينس أحد أشد المؤيدين لترامب وهو شقيق وزيرة التربية بيتسي ديفوسفي وقد كان مستشاراً غير رسمي لإدارة ترامب وعمل مع المستشار السابق لترامب مايكل فلين الذي أصدر ترامب أيضاً قراراً بالعفو عنه في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية

مذبحة ( بلاك ووتر ٍ) سيئة الصيت في العاصمة بغداد عكست انعدام الأخلاق وتفشي الشعور بالقدرة على القتل دون عقاب وما هي إلا تكريس للإستراتيجية الأميركية في المَنطقة والاستهتار بدماء العراقيين الأبرياء وان قرار العفو السياسي الجائر الذي اثأر حفيظة واستياء وغضب الرأي العام العراقي شكل وصمة عار لإدارة بهلوان البيت الأبيض حين افتقد لأبسط القواعد الأخلاقية والقيم والإنسانية ولم يأخذ بالاعتبار خطورة الجريمة المرتكبة ولم ينسجم مع التزام الإدارة الأمريكية المعلن بقيم حقوق الإنسان والعدالة وحكم القانون كما تجاهل بشكل مقصود كرامة الضحايا ومشاعر وحقوق ذويهم

كان على الرئيس ترامب الطائش والأرعن وهو يشهد موجة غضب واستياء الشارع العراقي ان يراعي أحاسيس الأمهات الثكالى والزوجات الأرامل والأطفال الذين يتموا على يد القتلة المجرمون الأمريكان وكان عليه ان يفكر أكثر بأنه رئيس اكبر دولة في العالم عليها ان تراعي العدالة وتحسب مشاعر الآخرين خاصة وان الحادثة المروعة كانت واحدة من أسوأ عمليات القتل في تاريخ الغزو الأمريكي للعراق

المسؤولية الجنائية والاجتماعية والأدبية لا تبيح لترامب أن يقرر نيابة عن عائلات الضحايا بالعفو عن هؤلاء المجرمين ( وان كان الدستور الأمريكي يسمح له بذلك ) وإن ما أقدم عليه يتعارض مع حقوق الإنسان وقواعد القانون العراقي ( لا يمكن العفو عنهم إلا إذا عفا عنهم أسر الضحايا ) مما يتطلب من أسر الضحايا تقديم شكوى ضد ترامب والاعتراض على القرار أمام المحكمة الجنائية الدولية عندما تبدأ إدارة الرئيس بايدن بالحكم

لقد اثأر هذا القرار المشؤوم قلق أممي واسع لدى مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان حيث أكد في بيان له أن هذا العفو يساهم في الإفلات من العقا ب ويؤدي إلى تشجيع الآخرين على ارتكاب مثل هذه الجرائم القذرة في المستقبل

وفي وقت سابق علقت عضو مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي إلهان عمر بالقول ( أن مرتزقة بلاك ووتر الأربعة هم مجرمو حرب وأن العفو عن المجرمين البشعين سيترك بصمة قاتمة في تاريخ العفو الرئاسي وان ترامب أساء استخدام صلاحيات منصبه والقرار في حد ذاته يمثل جزء من خطة ترامب المبيته للحد من أدوات الأمن القومي لجو بايدن وسيضر بشكل كبير بالعلاقات الأميركية العراقية في لحظات حرجة )

ومن الملاحظ ان توقيت صدور قرار العفو عن قتلة " بلاك ووتر" المدانين بقتل المدنيين العراقيين الأبرياء جاء بالتزامن غير البرئ مع الذكرى السنوية الأولى لاغتيال نائب قائد الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني ليذكر من جديد بقدرة امريكا وعملائها على تصفية العراقيين وحلفائهم بدون تردد او حساب لأي عواقب حتى لو كانت قانونية وبما يوجب العبرة والدرس للقادة الذين يعارضون استمرار استهداف السفارة الأمريكية في بغداد ويطالبون بإبقاء الوجود العسكري الأمريكي في العراق كحليف استراتيجي مأمون الجانب

أخيرا بعفو ترامب عن المجرمين السفلة غطيت العدالة الامريكية المزعومة بسواد الظلم وضاع القانون إلى الأبد ووئدت الحالات القليلة التي يمكن ان يحاكم فيها اي أمريكي تسبب بالقتل الوحشي للعراقيين الأبرياء إنه أمر مثير للحنق والغضب وإنها فضيحة العصر المخزية
mahdimubarak@gmail.com