جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب - ماهر أبو طير
كل التحليلات تهتم هذه الأيام، بالتغيرات المتوقعة في الشرق الأوسط، بسبب الإدارة الأميركية الجديدة، على مستوى رئيس الولايات المتحدة، ووزير الخارجية، وبقية الفريق.
ربما يكون الأردن من اكثر الدول العربية، راحة هذه الأيام، فالأردن امام إدارة جديدة ستكون اكثر لطفا، على غير الطريقة التي تعامل بها الرئيس الأميركي المنتهية ولايته مع الأردن، فهو حاول اضعاف الأردن، وتعامل بجفاء شديد معه خلال العامين الفائتين، وان لم يكن ضد مساعدة الأردن، اقتصاديا، ضمن حدود، لكنه حاول عزل الأردن، دون اعلان شفهي حول ذلك، معتقدا ان بإمكانه إعادة صياغة خريطة المنطقة، بمعزل عن مصالح الاردن.
الأردن على الرغم من ظروفه الصعبة، واحاطته بسوار من نار، في سورية، العراق، فلسطين، وتزايد الازمات حوله، استطاع برغم كل هذه الظروف ان يسلم الى حد كبير على صعيد موقعه الجيوسياسي وجبهته الداخلية، وهي الجبهة الأهم، حيث لا توجد ازمة كبرى في الأردن، عدا المشاكل الناجمة عن الوضع الاقتصادي، والملاحظات على ملف الإصلاح السياسي، لكنه بقي قويا على صعيد الجغرافيا السياسية الإقليمية، وجبهته الداخلية.
الرئيس الأميركي الجديد، صديق للأردن، وزاره عدة مرات، لكننا هنا لا نتعامل مع الرئيس وحيدا، اذ ان فريقه سيلعب دورا مهما، وخصوصا، وزير الخارجية الجديد، وهويته السياسية، وموقفه في الأردن، وتقييماته للعلاقة، إضافة الى بقية المؤسسات الأميركية.
أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأميركي الجديد، دبلوماسي مخضرم، وكان مساعدا سابقا للرئيس الجديد للسياسة الخارجية ومستشار الأمن القومي، قبل وصوله الى الرئاسة، حين كان نائبا للرئيس باراك أوباما وهو منحاز جدا لإسرائيل، ويريد في الوقت ذاته الوصول الى صفقة دبلوماسية مع الإيرانيين، اذا نجحت كل الإدارة الأميركية في الترتيب لمثل هذه الصفقة، كما ان بلينكن الذي كان ينتقد علنا سياسات الإدارة السابقة، ويجرحها بتعبيراته، سيحاول الذهاب الى مسرب مختلف تماما، حتى يثبت ان إدارته افضل.
من زاوية الأردن، سيكون لوزير الخارجية الجديد، في الولايات المتحدة، محطات على صلة بالأردن، ابرزها الملف الفلسطيني، حيث تؤكد كل التقييمات، انه لن يكون حادا ضد إسرائيل، ولربما المشترك بين ادارته الجديدة، والإدارة التي ستغادر ان الملف الإسرائيلي ستبقى له الأولوية، وهذا يعني ان الإدارة الجديدة، قد تسعى للعودة الى المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، لكنها ستؤيد تمدد إسرائيل، ولن تخفض دعمها للإسرائيليين، وان كانت ستخفف القيود على الفلسطينيين، وقد يحدث الصدام فقط، على خلفية الملف الإيراني، والفروقات في وجهتي نظر الطرفين، وسيكون الحسم لصالح الإسرائيليين.
هذا يعني ان حسابات الوزير الإسرائيلية ستبقى حاضرة بقوة، خصوصا، انه يدين باليهودية، ومن هنا يمكن قراءة موقفه من الملف الإيراني، ومدى قدرته أساسا على تحقيق اختراقات مع الإيرانيين، في ظل الاعتراضات الإسرائيلية، وهذا الملف يؤثر على كل المنطقة، بما في ذلك، ملف الازمة في سورية، حيث كان للوزير رؤية العام 2013 قائمة على ضرورة المزج بين توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري، مع تفعيل الاتصالات الدبلوماسية، لإجبار الأسد على التفاوض.
هذه الملفات الثلاثة ترتبط بكل المنطقة العربية، وليس الأردن وحسب، بشكل أو آخر، دون ان ننسى هنا الملف الرابع والاهم، أي ملف الربيع العربي، الذي تحقق الجزء الأول منه في عهد إدارة أوباما السابقة، وقد نكون امام الجزء الثاني منه، والذي لا تظهر ملامحه علنا، وستظهر اما عبر الضغط على دول المنطقة لمزيد من الإصلاحات السياسية، ودعم حراك الشعوب، او إتمام المشهد، بمشاريع ترسيم جغرافي وعرقي وديني ومذهبي جديدة، كنتيجة من نتائج الربيع العربي، في مرحلته الأولى، بما يقودنا الى التساؤلات حول الذي قد تريده الإدارة الأميركية الجديدة، من الأردن، على هذا الصعيد، وكيفية إدارة الأردن لهذا المشهد.
أربعة ملفات، على مائدة الأردن والوزير الجديد، الملف الفلسطيني، ايران، سورية، ملف الديمقراطية، وهو هنا لن يعبر عن سياسته الشخصية، لكنه بالتأكيد سيحظى بدعم إدارته لتنفيذ رؤيته، ليبقى السؤال حول الكيفية التي سيتعامل بها الأردن، مع هذه المستجدات.
قد تبدو الإدارة الجديدة، أكثر قربا للأردن من الإدارة السابقة، وقد تبدو اكثر نعومة، لكنها تأتي في توقيت صعب، بما يجعل كل المنطقة، تخرج من حفرة، وتستعد لحفرة جديدة.