جفرا نيوز - كتب - فهد الخيطان
يدرك الرئيس الجديد لمجلس النواب عبد المنعم العودات، حساسية اللحظة التي يتبوأ فيها منصبه. لقد بدا ذلك واضحا وجليا في كلمته بعد فوزه في التصويت.
قبل ذلك ينبغي الإشارة والإشادة بموقف النائب المحترم محمد عناد الفايز الذي قرر الترشح لمنصب رئيس المجلس رغم معرفته بتوجه الأغلبية تحت القبة، فقد كان على حق، إذ لا يليق بمجلس منتخب حديثا أن يختار رئيسه بالتزكيه، وهذا سلوك صبّ في صالح النواب والرئيس العودات.
العودات والمكتب الدائم للمجلس أمام فرصة استثنائية، لتدشين مرحلة جديدة من حياة المجلس. وجود أغلبية من الوجوه النيابية الجديدة يعطي العودات مساحة واسعة لتشكيل صورة المجلس في أعين الناس، وإصلاح الأداء النيابي كما أشار في كلمته.
والرئيس الجديد ليس غريبا على النواب والرأي العام الأردني، فقد تصدى لقيادة المهمة التشريعية في مجلسين سابقين، وبرز في محطات مفصلية مهمة، وحظي على الدوام باحترام وتقدير مختلف التشكيلات تحت القبة. والأهم سيرته في ميدان النزاهة والترفع عن الحسابات الشخصية والمصالح الذاتية، وهي الآفة التي ضربت النيابة في الأردن وحذر منها جلالة الملك في خطاب العرش.
لا يحتاج العودات لكثير من الجهد في رسم خريطة طريق إصلاح الأداء النيابي وتحديد المهمات، فقد رسم خطاب العرش المسار بوضوح، وحدد أولويات المرحلة، والضوابط التي ينبغي أن تحكم أداء المجلس بما يضمن ممارسة دوره الرقابي والتشريعي دون تغول من السلطة التنفيذية أو تنمر من المجلس على المؤسسات الأخرى.
المرحلة خطيرة وصعبة، ولا تحتمل الاستعراض والشعبوية والاستقواء، ومن دون العمل بروح الفريق الواحد كما قال الملك لن نتمكن من تجاوز الظروف الاستثنائية التي نمر فيها بعد جائحة كورونا وما فرضته من تحديات. وهنا تكمن أهمية مأسسة عمل المجلس من خلال كتل نيابية متماسكة وبرامجية، لتجاوز الحالة الفردية غير المنتجة، وتوظيف طاقات النواب عبر آليات عمل تضمن تحقيق النتائج المرجوة. وفي الوقت ذاته تعزيز دور اللجان بوصفها مطبخ العمل النيابي ومرجعية المجلس في التشريع لكل المؤسسات، بما يضمن احترام وقت المجلس وإنتاجيته.
السلطة التنفيذية ممثلة في الحكومة، هي الأخرى في وضع مثالي لإرساء صيغة جديدة من التعاون. رئيس الوزراء بشر الخصاونة كرئيس النواب تماما يتولى الموقع الأول للمرة الأولى، ويعرف على نحو دقيق مهمات المرحلة، وقد أظهر في كلمة التهنئة للعودات تحت القبة، كم هو حريص على التعاون مع السلطة التشريعية والامتثال التام لدور هذه السلطة في المجالين الرقابي والتشريعي.
الجميع تحت القبة يظهر رغبة بتحمل المسؤولية والتعاون لتخطي المحنة التي تواجه الوطن. في مداخلته بعد إعلان فوز العودات، قال نائب المعارضة عمر العياصرة كلاما وازنا يصب في هذا الاتجاه، عندما أكد أن ما جرى في جلسة الافتتاح عبّر عن إرادة النواب دون تدخل أو ضغط من أطراف أخرى.
خطاب العرش وضع الأطراف كافة أمام مسؤولياتهم وبث روح العزيمة في أوصال الدولة ومؤسساتها، وتردد صداه في أروقة المجلس بعد الافتتاح. يأمل الجميع أن تستمر هذه الروح، وأن نشهد على عهد جديد للنيابة في الأردن، يعيد بناء جسور الثقة مع الشعب، ويكرس مبدأ استقلال السلطات في إطار المسؤولية المشتركة، فلا أحد يملك وحده الحل أو يحتكر الصواب.