جفرا نيوز - كتب - فهد الخيطان
غدا تنطلق أعمال الدورة الأولى غير العادية للبرلمان الجديد بخطاب مرتقب لجلالة الملك. مجلس جديد بوجوه نيابية في غالبيتها جديدة تخوض غمار التجربة للمرة الأولى، إلى جانب فريق من النواب المخضرمين وأصحاب الخبرة.
اللحظة التي يجتمع فيها البرلمان فارقة في تاريخ المملكة التي تستعد لدخول مئويتها الثانية، وهى في أوج معركتها مع جائحة كونية خلفت آثارا كارثية على الاقتصاد والمجتمع، كما هو الحال في سائر الدول.
الأسابيع الأولى من عمر المجلس هي فترة تعارف بين الجميع، تتزامن مع استحقاق دستوري بطلب حكومة الخصاونة ثقة المجلس.
قبل نهاية العام الحالي قد لا نشهد مناقشة تحت القبة لبيان الثقة. المجلس وبعد انتخاب الرئيس والمكتب الدائم في أولى جلساته، سيباشر مطلع الأسبوع بتشكيل لجانه الرئيسة التي يعول عليها في طبخ التشريعات وإدارة العلاقة مع السلطة التنفيذية.
في الأثناء ينخرط النواب في مشاورات تشكيل الكتل والتي تعتبر عماد المجلس والركن الأهم في إدارة الحياة البرلمانية.التحدي أمام النواب كبير في هذا الصدد، فتجربة الكتل باستثناء وحيد لم تكن موقفة دائما، وطالما فقدت بريقها ودورها بعد جولة انتخابات الرئاسة أو موسم مناقشات الثقة بالحكومة.
هل تساهم تركيبة المجلس الجديدة هذه المرة بتطوير أداء ودور الكتل؟ هذا مايأمله الجميع.
بعد الثقة، المجلس أمام استحقاق مناقشة وإقرار مشروع قانون الموازنة. كلها مواسم للخطابات تحت أنظار الإعلام ورأي عام يترقب أداء مختلفا للنواب.
يمكن بسهولة أن نعود لمشاهدة نفس الشريط السابق، ودائما ما نكرر طرح الفكرة ذاتها في منتدياتنا وإعلامنا؛ نريد برلمانا قويا. لكن لم نفحص الفكرة بتمعن. هل معارضة الحكومة هي مقياس قوة البرلمان؟ وهل لبرلمان يساند الحكومات في كل سياساتها هو البرلمان المطلوب؟
النواب والجدد منهم على وجه التحديد يأتون للبرلمان في دورته الأولى مثقلين بزخم الانتخابات وأصوات الناس التي تشكو ضيق الحال وصعوبات المعيشة، ومن الطبيعي أن نشهد حالة انفعالية تحت القبة لتفريغ الغضب الشعبي.
لكن مع مرور الوقت يستقيم الأداء البرلماني، ويكتسب النواب خبرة في العمل ومهارة أكثر للتأثير في السياسات والتشريعات وممارسة الدور الرقابي على نحو يخدم أهداف الدولة.
الكتل في البرلمان لا يمكنها أن تصمد وتتماسك إن لم تستند لمرجعيات حزبية وسياسية، والنواب عموما في بلادنا بلا مرجعيات غير قواعدهم الشعبية. هنا تكمن المشكلة التي تضع النواب تحت ضغط الشارع والخطاب الشعبوي، وفي حالات كثيرة تفرض عليهم مواقف مؤيدة للحكومات لخدمة مصالح قاعدته الانتخابية وأبناء دائرته.
المعارضة في البرلمان والموالاة إن جاز التعبير محكومة بهذه الاعتبارات، ولا يشذ عن القاعدة سوى نواب حزب جبهة العمل الإسلامي وكتلتهم البرلمانية” قيد التشكيل” والتي تخضع مواقفها لحسابات منهجية خاصة بالحزب والشركاء.
المرحلة التي يحضر فيها البرلمان التاسع عشر، مختلفة كليا عن ما كان سابقا، وفي ظني أن التحديات التي تواجه بلادنا في السنتين المقبلتين، تتطلب مقاربة برلمانية جديدة تتجاوز مفهوم المعارضة والموالاة التقليدي، وتضع المجلس في موقع منصف لخدمة مصالح الدولة والمجتمع، وإسناد الجهد المؤسسي لتجاوز الأزمة مع التمسك بالدور التشريعي والرقابي المنصوص عليه في الدستور.
بكلام مختصر، المطلوب مجلس نواب يتمتع بالهيبة والحكمة والعقلانية، بعيدا عن ترف النجومية والتأييد الأعمى للحكومات، فهذا هو آخر ما يأمله الأردنيون.