النسخة الكاملة

اليومُ الأول لي بالمَصحةِ النفسية

الخميس-2020-11-18 10:25 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز- اليومُ الأول لي بالمَصحةِ النفسيه،انا هُنا بارادتي وليس كما يتهامس الأطباء بأنني مريض نفسي! وانا في طَريقي الي غُرفَتي مَررتُ بعِدة غُرف مُرقمة، فطلبتُ مِنَ المُمَرِضه أني تَروي لي سبب قدوم سُگان تِلكَ الغُرف الي هُنا..؟!

فقالت لي بِنظرة يَملَؤها الحُزن، "لِما تُريد أن تَخوض في أوجاعهم، إكتَفي بأوجاعك وإترُكهم بِشأنِهم"، بَعدَ مُدة مِن مُكوثي بالمَصحة عَلِمتُ تَرتيب الغُرف، وما تَحويهِ كُلُ غُرفة من ألم! فكانت كالتالي :


غُرفة رقم " 1 "

يوجد بِها رَجُل كَبير في السِن قتلَ حَفِيدُه الوحيد.! كان يُحبه حُب مَريض لدرجة قتَله خوفاً عليه،خاف أن يموت ويترُكه بين هؤلاء الذين يدعوهم بعائلتِه فما واجهه ف الحياه من خذلان وتعثرات جعله يخشى عليه ؛فإن كُنت مكانه لما ترددت خوفا عليه مِن تِلك الحياة غَريبة الاطوار ،وهؤلاء البشر المُفزعون ؛فهو في كِلا الحالتين مقتول ، فوالله إن معاشرة البشر هو الموتُ بِعينه.!

كَيفَ يَقتُل الرَجُل مِنا حَفيده؟! ما الذي رأهُ حتي يُقدم علي هذا الفعل..؟!



غُرفة رقم "2"

رأيتُ سَيدة في أزهي عُمرِها،جَميلة للحد الذي جعلني أقتحم غُرفتها وأنظُر لعيِنيها المُلونة ،ثُم دَققتُ النَظر بِها حَتي رأيتُ حُزن العالم يَنطوي تَحتَ جِفنيها؛ يديها تَشققت مِن الكِتابة علي جُدرانِ الغُرفة، تَكتِب قِصتها ثم تُنهيها بِجُملة واحدة، "گنتُ بخير لولا الأخرون..."

وجهَها تَكسوهُ هِموم الحياة، ويَديها لَطختها كُفوفُ العَابرين؛ تعرضت للخِذلان مِن أقرب أصدِقائِها ،إكتفت بِها عن العالم بأكمله..!

وَضعت بِها كُلُ ثِقتِها،ولكِن يــ أسَفاه!! ضاعت ثِقتها في الزِحام،ونُقِضت الوعود، والمواثيق،تَركتها في مُنتصف الطريق حائرة..!

تَركتها وذَهبت دونَ سابق إِنذار، أو مُبرر يشفع لها..! تَركت يَديها وألقت بِها في التُراب،ومُنذُ ذَلك اليوم وهي صامته يُطلقون عليها ( المُكتَئبة الصَامِته) يا لهم مِن أغبياء لا يَعلمون، ولا يُدرِكون حَجم الألم الذي يُكنهُ قَلبها..!



غُرفة رقم " 3 "

كَانت الغُرفة فَارِغة! لا يُوجد بِها أحد..! وجِد بِها رِسالة مَنقُوشة على الحائِط وهذا نَصَها، " أحَدُهم عَاشرَ البَشر بطَريقة عَفوية ،بالغ كَثيراً في حُبِهم ،أعطي وبذل الكَثير،قدم لهم قَلبُه كَقُربان علي لوحٍ مِن ذَهب،فَكانوا كقطيع مِن الذِئاب نَهشوا بِقَلبه، وتَركوهُ فُتاتاً..!

أحب إِحدي الفَتيات ،فأحَبتهُ هي ايضاً؛ ظَنَ وَقتَها أنَ الحياة تَبتَسم لَهُ للمرة الأولي..! لاسيما أنها دَخلت حَياتهُ في وقتٍ كان فاقد الثِقة بالجميع حتي نَفسُه..!

أحَبَتهُ ظَاهِرياً..! وحِينما اقتَربت مِن قَلبه، ودخلت دَائرة حُزنُه تَركتهُ... تَركَتهُ مُنذُ أول ليلة لها..! ذهبت بَعِيداً جِداً..!
ثُمَ تَركت لهُ رِسالة ذاتَ ليلة قائِلة فيها "لم تَعد تَصلُح للحياة مرة أُخري أيُها المَريض" حَقاً هو مَريض؛ مَريض ،ومَرضُه خَطير، وإِصَابَتهُ بَالِغة جُرحُه كان في الصَميم ..في صَميمِ قَلبه فَقُطِعَ نِياطه..!

هو حَقاً مَريض بالبشر..! جَاءَ الي هُنا حَيثُ عالم أخر، مدينة جَديدة لا يَوجد بِها سِواه..! لا يوجد بِها إلا مَن يُشبِهُونه..!
فأقسمَ بالبقاءِ هُنا حتي النِهاية ..!

و بَعدَ عِدة أعوام مِن بَقائُه في المَصحةِ وحيدا لا يَجد مَن يَزُورهُ..! إنتَحر تَارِكاً رساله إنتِحارُه مَنقُوشة علي الجِدار "دَعوني بالمريض النفسي لأنني فقط أختلف عنهم،لأنني أفهم الحياة حَقًا.."

وانا الأن أحمل رَقم غُرفة " 3"..
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير