تزامنا مع يوم الأرض،، الفيروس الذي عرّى علاقتنا الجشعة مع الطبيعة
Friday-2020-04-24 05:20 pm

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتبت تهاني روحي
تزامنا مع احتفالات العالم باليوبيل الذهبي لاسبوع الأرض العالمي، والذي يهدف لنشر الوعى والاهتمام بالبيئة الطبيعية لكوكب الأرض، وبالرغم من ان جميع المؤتمرات التي عقدت حول العالم في محاولة للبحث عن حلول للتغير المناخي، الا ان (كوفيد-19) كشف عن محدوديتها في طرق التعامل التقليدية لايجاد حلول عادلة، وعاد الفيروس ليثير لنا أسئلة صعبة حول العدالة والمسؤولية المجتمعية والالتزام. وشاهدنا كيف أدت الأجواء في يوخان ( معقل الفيروس) الى انحسار تلوث الغلاف الجوي فوقها، وتضائلت كتل من الهواء الملوث فوق مناطق واسعة من الصين، ومع عودة النشاط التجاري والصناعي فيها، فهل ستعود هذه البلاد الى العلاقة الجائرة من جديد؟ بعد أن اتاحت قيود الحظر للكرة الأرضية وشعوبها فرصة التخلص من هواء رديء ملوث، وإعطاء فرصة للطبيعة والبشر في تجديد الهواء النقي.
وبعد استعادت الكرة الأرضية انفاسها لبرهة قصيرة، الا انه تتضح الحاجة إلى اتباع نهج جديد يركز على مبادئ العدالة والأبعاد الأخلاقية لمواجهة الآثار المدمرة للتغير المناخي. ومن ضمن الأمور الأساسية التي يجب أن نتفكر بها حين تعود الحياة نوعا ما على ما كانت عليه ولو انه من الصعب كما ثيل لنا بأنه يجب أن نتعايش معه لفترة طويلة، علينا اذن بالتفكر مليا بأن التحدي القائم أمام العالم بعد انقشاع الجائحة الحالية، ليس تحدياً تقنياً فحسب بل أخلاقياً أيضاً، والذي يتطلب تحولاً في الأفكار والسلوكيات يؤدي بهيكلنا الاقتصادي والاجتماعي لتوسيع نطاق فوائد التطور على الناس كافة.
ان مبدأ وحدة الجنس البشري والذي بدأت بوادره في التعاون العالمي الغير مسبوق، يجب أن يصبح هو المبدأ الحاكم في الحياة على مستوى العالم. فهو يجعل من الممكن النظر إلى تحدي التغير المناخي عبر منظار آخر - منظار يتصور البشرية ككل موحد، لا تختلف كثيراً عن خلايا الجسم البشري والتي تنهشها حاليا هذا الفيروس، وإنما يسعى إلى إعادة صياغة وتشكيل أنماط من التفاعل البشري عفا عليها الزمن واتسمت بكونها غير عادلة، لتحل محلها أنماط أخرى تعكس الروابط والعلاقات التي تجمعنا سويا. فبهذه الطريقة نصل إلى التفكير الى أبعد من هذا والتي تسببت في ازمة المناخ، وهي تضييق فجوة الفقر، المساواة بين الجنسين، وما شابه ذلك.
الا اننا علينا ان نقر بالرغم اننا ما زلنا نسير بخطى متعثرة للقضاء على تفشي هذا الفيروس، الا انها أعطتنا فرصة لاتخاذ الخطوة التالية في عملية الانتقال من حالة تَعَامُل على الساحة العالمية تتأصل جذورها في الوحدة التي تربطنا كواطنين لعالم واحد ، بالإضافة إلى هدف عالمي طويل لخفض الانبعاثات. ستتطلب الإستجابة لما بعد هذه الجائحة تغيرات عميقة على مستوى الفرد والمجتمع ودول العالم. وجاء يوم الأرض هذا العام ليحث العالم على تعزيز الانسجام مع الطبيعة والأرض، ووقف الاتجار غير المشروع بالأحياء البرية، ومواجهة التغيرات المناخية، وإزالة الغابات، والحفاظ على التنوع البيولوجي ، كما جاء هذا اليوم ليعلمنا دروسا في ضرورة الإصغاء للعلم المتلازم مع الأخلاق، وانه لا تزال هناك فرصة متاحة أمام البشريّة لإنقاذ الطبيعة.
ومهما بلغت صعوبة الوضع الاستثنائي الذي تعيشه بلادنا والعالم بأسره في الوقت الحاضر، فإنّنا على يقين بأن الإنسانيّة ستعبُر نفق هذه المحنة في نهاية المطاف، لتظهر على الجانب الآخر من النفق وقد اكتسبت رؤيةً أوضح وتقديرًا أعمق لوحدتها المتأصّلة وترابطها المُتبادَل.
عندها، سيكون لزاما علينا مراجعة علاقتنا الجشعة بالطبيعة وبالآخرين. فضلا عن اهمية الرعاية الصحية، وتخصيص جزء كبير من موازانات الدول عليها، لان هذا الفيروس الجديد قد عرى العلاقة بين الإنسان والطبيعة، وقال الكثير عنها.

