الأردن في عين العاصفة
الخميس-2018-08-30

جفرا نيوز -
قراءة سياسية لمجريات الأحداث -الحلقة الرابعة - الأردن في عين العاصفة
جفرا نيوز - حمادة فراعنة
يوم 18/6/2018 ، إستقبل جلالة الملك رئيس حكومة المستعمرة الإسرائيلية نتنياهو في عمان وتناول قضايا سياسية مختلفة ، وفي يوم 2/7/2018 ، أعلن رئيس مكتب حكومة نتنياهو ، أن رئيس الحكومة سمح لأول مرة للوزراء ولنواب البرلمان بدخول ساحات الحرم القدسي الشريف – المسجد الأقصى ، الذين كان محرماً عليهم بقرار من نتنياهو نفسه منذ شهر تشرين أول 2015 على خلفية إنتفاضة القدس ، وكتب لي أصدقاء من فلسطين ليقولوا لي إن هذا القرار من قبل نتنياهو يوحي وكأن رئيس حكومة المستعمرة الإسرائيلية حصل على إذن مسبق من قبل الأردن ، لأن قراره صدر بعد زيارته لعمان ، مما يدلل على وجود سوء نية مسبق لديه ، وهو دائماً ما يفعلها نتنياهو كما عقب جلالة الملك على سؤالي في اللقاء يوم 16/8/2018 ، حيث يستغل لقاء أو زيارة أو حدث لتوجيه طعنة سياسية للدولة الأردنية غير عابئ للمشاعر أو المصالح الأردنية ، وهو نفس الفعل السياسي الذي عبر عن تدني أخلاقي وعداء مفرط وعدم إحترام للإتفاقات ، حينما إستقبل رجل الأمن الإسرائيلي المجرم الملحق بالسفارة الإسرائيلية في عمان ، الذي قتل إثنان من المواطنين الأردنيين وتم حجزه في السفارة ومنعه من مغادرة الأردن ، إلا بعد تدخل أعلى المستويات الأميركية شريطة أن تتم محاكمته في تل أبيب نظراً لشموله بالحصانة الدبلوماسية تحول دون محاكمته في عمان ، ولذلك جاء إستقباله من قبل نتنياهو كبطل بعد فك حجزه بوساطة أميركية فاستقبله كأنه كان أسيراً في عمان وعاد بعد أن أنجز فعلاً بطولياً ضد الإردنيين مع أنه إرتكب جريمة مدنية لا دوافع سياسية لها سوى نظرته الإستعلائية للأخر وإحتقاره لمن هو غير يهودي .
الحادثتان وغيرهما العديد من الأحداث والوقائع المشابهة تدلل على مدى عدوانية قادة المستعمرة الإسرائيلية للأردن وللأردنيين ، ولكل ما هو عربي ومسلم ومسيحي ، ومثلما كان إتفاق أوسلو عبئاً يتم خرقه من اليمين الإسرائيلي وبات بلا معنى وبلا مضمون كإتفاق تدريجي متعدد المراحل ، لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وخطواته متلاحقة تستهدف بناء الثقة وصولاً إلى إستعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المنهوبة ، تحول هذا الإتفاق وتبعاته ليكون ثقلاً على الفلسطينيين ، وغطاء لأفعال الإسرائيليين المشينة ، وجعله عنواناً بلا قيمة وبلا إحترام وحول السلطة الفلسطينية كما يقول رئيسها الذي إنتهت ولايته مثله مثل المجلس التشريعي : سلطة بلا سلطة .
وكما هو إتفاق أوسلو ونظرة اليمين الإسرائيلي المتطرف له ، ينظرون إلى إتفاق عربة بنفس القيمة المتدنية من موقع الغرور بالقوة والتفوق ، وإن كان بدرجات عدوانية أقل ، ولكن ليس بالإحترام المطلوب الذي يُرسي علاقات متكافئة ندية يحترمون فيها ومن خلالها المصالح الوطنية الأردنية في فلسطين ؟ .
وما هي المصالح الوطنية الأردنية في فلسطين ؟؟ .
أولاً : إحترام الولاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية ، ويتم خرقها يومياً .
ثانياً : إعتبار القدس والضفة الفلسطينية المحتلة عام 1967 أراض محتلة ، وليست متنازع عليها ، فقط إحتلت عام 1967 ، حينما كانت جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية .
وما يجري على الأرض أن حكومة المستعمرة الإسرائيلية تعتبرها جزءاً من " إسرائيل " وأنها يهودا والسامرة ، وتجري عمليات تهويد القدس ، وأسرلة الغور ، وتمزيق الضفة بالمستوطنات والشوارع الخلفية ، مما يؤدي إلى جعل الأرض الفلسطينية طاردة لشعبها وأهلها والعمل على ترحيلهم إلى الأردن ، مما يسبب أزمات أمنية وسياسية وإقتصادية وإجتماعية معقدة للأردن ، وعلى حساب أمنه وإستقراره .
ثالثاً : حقوق اللاجئين الفلسطينيين الذين شردوا وطردوا من فلسطين عام 1948 ، من اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وبئر السبع ، وحقهم في العودة وفق القرار 194 ، وإستعادة ممتلكاتهم منها وفيها وعليها بات لزاماً على الدولة الأردنية بإعتبار جزءاً كبيراً منهم يحملون الجنسية والمواطنة الأردنية أن تدافع عنهم وتحمي حقوقهم الوطنية والبشرية والمادية وتعمل على إستعادتها .
رابعاً : لقد تُوج العداء الإسرائيلي نحو الأردن بقانون القومية العنصري الذي يدل في مضمونه وليس في شكله أن الأردن جزءاً من أرض إسرائيل ، ولا يدرك هذا الإستخلاص إلا من هو خبيراً وعارفاً بالمفاهيم والمصطلحات والمفردات الإسرائيلية والعبرية ، وهذا يدلل بشكل فاقع مدى العداء الكامن لدى الفريق الحزبي والعقائدي الصهيوني الإستعماري التوسعي الحالكم لدى المستعمرة الإسرائيلية نحو الأردن وضده .
خامساً : الحفاظ على خدمات اللاجئين من خلال الأونروا وإستمرارية عملها وهم يعملون ضدها .
النقاش مع جلالة الملك ، تعلمت وتوثقت أنه يعرف ويدرك أبعاد خطورة ما يكنه وما يفعله وما يسعى إليه نتنياهو ، وأن اليقظة الأردنية ، وتماسك الأردنيين الداخلي ، ومكانة الأردن الدولية هي الأسلحة التي نملكها وعلينا الحفاظ عليها ، ليبق الأردن سيداً حراً مستقلاً ، ورافعة لنضال الشعب الفلسطيني لإستعادة كامل حقوقه على أرض وطنه فلسطين الذي لا وطن له غيره وسواه .
h.faraneh@yahoo.com

