هيدرا الاردن و هرقلها

جفرا نيوز -
المحامي الدكتور إبراهيم الطهراوييبرز في الميثولوجيا اليونانية، مخلوق الهيدرا، الذي هو ثعبان أسطوري يشرب دماء الناس، ويستطيب اكل اكبادهم، ويمعن في القتل والتدمير، وإهلاك الحرث والنسل، ونفث السم وإبادة الحياة بلا هواده ولا شفقة.
يمتلك هذا الوحش رؤوساً متعددة، وكلما قطع له رأس، نبت مكانه رأسان. وهكذا لم يقدر احد على تخليص العالم منه. وبقي هكذا حتى استطاع هرقل الجبار قتله في حيلة ماكرة وذكية.
في الأردن الفساد هو الهيدرا. يقتل ويهدم ويخرب وينفث سمومه فاتكا بالبشر، بلا رأفة ولا رحمه. وبكل جشع وشراسة. وكلما تم كشف قضية واغلاق باب، فتحت أبواب أوسع واكبر وأبشع آخرها "قضية الدخان"، التي بحجمها الهائل وتوسع إطارها وتداخل الاختصاص فيها و هروب العقل المدبر لها، بينت حجم الفساد المرعب الذي تعاني منه البلاد والعباد.
الا أنني لا أجدها اكثر رعبا مما اطل به علينا الإعلام الكويتي بوجود عمليات بيع شهادات جامعية رسمية أصلية مصدقة ومستوفية الشروط القانونية، مقابل مبلغ ثلاثة آلاف دولار .
قضية الشهادات الجامعية هي قضية أمن وطني لأهم منتج أردني وهو التعليم والتعليم العالي. وان الإساءة  للثقة بالشهادات العلمية التي تحمل شعار الحكومة الاردنية، سواء ثانوية او جامعية، اخطر على بلدنا من اي قضية فساد اخرى. و المساس بهذه الثقة التي بنيت على مدار عقود طويلة، ساهم فيها تراكم احترافي ومهني وأكاديمي بارع، ادى الى نهضة الاردن والمساهمة في بناء العديد من دول المنطقة.
إن خطورة انهيار هذه الثقة، تكمن في خسارة  أجيال وآمال واستثمارات بالمليارات في الجامعات الخاصة والحكومية. وفي التاثير المباشر سلبا على الاقتصاد الوطني، بزيادة معدلات البطالة وبفوضى في مخرجات التعليم. ان صح هذا الخبر فعلا فهذه كارثة كبيرة على الأردن. وان لم يصح فإن الفساد الذي اهلك البلاد والعباد، وزاد عن معدلاته المحتملة، كان سبباً في التجرؤ على اختلاق مثل هذه القصة لزعزعة الثقة بمؤسسات الدولة.
امام هذه الإشكاليات، وامام هذا النهب ومحاولة تدمير مقدرات ومنجزات هذا الوطن، لم تعد هيئات مكافحة الفساد  تجدي نفعا فقد اتسع الفتق على الرتق. نحن نحتاج الى هرقل الجبار ليجد لنا حلا سحريا وبحنكة ودهاء وخطة قوية لقتل هيدرا الأردن بأسرع وقت قبل ان تتزعزع ثقة المواطن والمستثمر بانجازاتنا وما بناه الآباء والأجداد.