ثلاثية لعّيب خرّيب وجرّيب ..
الخميس-2018-06-28 09:23 am

جفرا نيوز -
جفرا نيوز
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
لم تكشف الحكومة بعد عن ملامح وجهها، ولا يمكن اعتبار تصريحات رئيسها بأنها تعبير عن محاور برنامجها، وأنا بهذا لا أستبق شيئا، فالمعروف أن الحكومة ستتقدم ببرنامجها الى مجلس النواب، وتأخذ الثقة، وسوف تأخذها متواضعة، على الرغم من الشعبية المزعومة وعلى الرغم من تصريحات نارية يطلقها بعض النواب، فبعضهم – قال – لن يسمحوا بدخول بعض وزراء الحكومة ويجلسون تحت القبة ..تصريحات "تخينة" بصراحة، وثمة أخرى أقل "تخانة منها"، يتحدث فيها متحدثون عن نيتهم حجب الثقة عن الحكومة منذ الآن، وذلك بسبب تشكيلتها ويبدو أنهم اقتنعوا بأن تشكيلة مجلس النواب "مثالية"..
قد يكون حديثبعض النواب حقيقي بالنسبة لتشكيلة الحكومة، التي لم تلتزم بتوجيهات جلالة الملك "غير الرسمية"، وأعني تلك التي قالها جلالته في لقائه مع بعض الصحفيين، وعلى الرغم من أنه لم يظهر في كتاب التكليف، إلا أنه كلام سياسي جدير بالاهتمام، وليس هذا فقط ما يدعوني لاعتبار بعض النواب على حق، بل أيضا ثمة سبب آخر، أورده لكم من خلال السيناريو التالي الذي جرى بيني وبين بعض الأصدقاء، على خلفية اتخاذ الحكومة قرارا متعلقا بنا معشر الصحفيين المضروبين بكل الأحجار، حيث يقولون بأنها أي الحكومة لن تجدد العقود معها حين ينتهي أجلها، في إشارة واضحة لمدونة السلوك التي "اقترفها يوما أحدهم" فتبناها رئيس وأزالها رئيس آخر وأزال آثارها، وبين الإقرار والإزالة غنم كثيرون من تلك المدونة ..لكنهم غنموا و "لبدوا"، وهكذا يفعلون دوما.
قال لي الصديق: سمعت بأنهم قرروا ما يجددوا العقود، فأجبته : هم "لا يتعلمون شيئا"، ولا بد لهم أن يدوروا في المدار نفسه ثم يتم "تطبيشهم تماما"، ليعود آخرون ويزيلوا آثار "التطبيش"، وهكذا تجري الأمور هناك، فلا أحد يؤمن بمن سبقه ولا يحترم تجارب الدولة والحكومات، ويتجاوز عن المنطق بسهولة، ولو أراد أحدهم أن يقوم "بالتنظير" علينا، بالنزاهة والكفاءة ومرادفاتها، بينما يتقهقر الاعلام وخطاب الدولة ويصبح مجرد "لعبة" يقوم بتجريبها كل قادم لموقع المسؤولية، وما يلبث أن يتعلم بعض مهاراتها حتى يغادر "مذموما"، وهكذا دواليك..
أجابني الصديق بأنهم فعلا لا يتعلمون شيئا، ويريدوا أن يعبثوا في استقرار الناس وأرزاقهم، نتيجة تطبيقهم لأفكار ونظريات لا تخدم الواقع، ثم يقولون لك بأنهم قوم متمدنون ويريدون تمدين الدولة وقوانينها، فأجبته : نعم يا سيدي، فليمدنوا الدولة التي يعتقدون بأنها عسكرية أو متخلفة أو دولة رعوية، أما نحن فأعتقد بأننا أفنينا العمر ندافع عن الدولة ونفكر في همومها أكثر من وزرائها ورؤساء حكوماتها، لكننا نسينا بأن نخرج الى الدواوير ونناكف الدولة وحكوماتها ونعارضها، وأن نطالب بتلك المطالبات لنصبح في نهاية المطاف وزراء.. وأنفقنا العمر واحتملنا الخسائر وبذلنا تضحيات والتزمنا بأخلاقيات، بينما كان الأمر أسهل مما يبدو عليه، ولا نحتاج كل هذا العناء كي نعيش في وطننا، أو نعمل في الحكومات مستشارين وناطقين باسم وزاراتها ومؤسساتها، اكتشفنا بأن الأمر لا يتعلق لا بأخلاق ولا بقوانين ولا بكفاءات، بل ربما شهادة توجيهي، ناجح او راسب ليس مهما، او ربما رخصة قيادة خصوصي او "محورين" تفي بالغرض، كلها أو واحدة منها تكفي لحيازة كل تلك المواقع وتبرر السطو على المال العام، ولتذهب عندئذ الوزارات والحكومات والخطابات والرقابات والتعليمات والأخلاقيات والوطنيات الى المجهول..
أنا أفهم حق كل مسؤول بأن يختار فريقه ليعمل معه ويحقق برامجه في مؤسسته، لكن ليس بالتجاوز عن الأعراف والقوانين والكفاءات والأخلاق والمنطق، وإن فعلها مسؤول يدير مزرعته الخاصة، فربما نقول له من حكم بما يملكه ما ظلم، لكن المال العام ومؤسسات الدولة ليست من سائر مزارعه، ولا يجوز له التجريب والتخريب والعبث فيها، وليكن الطوفان من بعده، عليه أن يرعوي ويتحلى بالمنطق قليلا او يغادر موقع المسؤولية، فهي ليست مختبر تجارب، ولا ملعب ولا سوق تخضع لأصول التجارة والشطارة والرعية والإمارة..
هل الكلام غامض جدا؟!.. سنوضحه إن تطلب الأمر مزيدا من التوضيح، لكن عليكم أن تكفوا عن العبث وتتوقفوا عن النظر الى الموقع نظرة اللعّيب والخرّيب، أو نظرة المتناسي الذي يريد التجريب.. بعدين معكو؟!

