النسخة الكاملة

دروس من قضية الفايز والشوابكة

Friday-2018-05-17 04:14 pm
جفرا نيوز - جفرا نيوز -  فارس الحباشنة
ما كتب ب"ضم الكاف " في صحيفة يومية أردنية عن الخلاف العشائري ما بين " الفايز و الشوابكة" يضاهي ويفوق كما وهدرا ما كتبه الاعلام الاردني عن نقل السفارة الامريكية الى القدس و حرب غزة دامية و قانون ضريبة الدخل .
ليس هناك من متابع أو متهم بالشأن المحلي الا ويطالعك بالمقولة و الملاحظة نفسها . طبعا الأمر ليس بحاجة من قريب أو بعيد الى ضليع و خبير بالاعلام و الاعلام البديل " الجديد " ، فليس هناك ما يربطها بأي معنى من معاني الصحافة .
نغمة ونبرة و أصوات تظهر في الاعلام منابرها معروفة ومعلومة ، وما أن يقع أي خلاف عشائري ، فيدسون شائب افكارهم وارائهم السوداء بخطاب يعتريه الحس المسؤول والواجب الوطني أتجاه الاستقرار الاجتماعي وحماية القيم الاصيلة و الراسخة في المجتمع الاردني .
طبعا ، علامات استفهام مرسومة تلاحق كل ما يكتبون ، أذا ما عدل قانون للأسرة أو المرأة و الانتخاب وغيرها من التشريعات الناظمة اجتماعيا وسياسيا . يخرجون من وراء "صفرة واحدة" يجيشون بما ملكت أيمانهم من قوة ورباط قول وكتابة ل"تصفير الساعة" الوطنية : الاجتماعية و القيمية و الاخلاقية الاردنية .
في خلاف الفايز و الشوابكة ، ما طرحه كتاب "الصفارة و السبابة" ليس سؤالا في مدنية الدولة و الحق والواجب المواطني ، و ليست مسألة تعايش الدولة والمجتمع و العشيرة ، ولكن ما يطرح هوخطاب مبطن سياسي و اعلامي تفكيكي يخطف الاضواء لاتهام العشيرة بانها القوى التقليدية القاتلة و المعطلة لمشروع الدولة المدنية والتي ما زلنا نلاحق سرابها .
ثمة أسئلة من الواجب أن نواجه بها أنفسنا ، وهي الاسئلة التي تلاحقنا في خطاب اعلامي يحاول الترويج لتمسيخ العشيرة الاردنية ، ووصفها بانها مليشيا و شطينتها و الاساءة اليها ، و هي بضاعة يحملها بلا شك ولا سوء تقدير عملاء سفارات اجنبية .
ومن يرفعون شعارات الديمقراطية والحريات العامة الزائفة و المزورة لارادة الشعب ، و من يحملون مشروعا لنحر أساسات وركائز الشخصية الوطنية الاردنية ، وفي مقدمتها تحطيم الدولة وبناها العميقة المؤسساتية : البيروقراطية و العشيرة .
وليس بعيدا عن هذه الموجه ، وما قرأنا من مقالات ومواقف مسمومة لمدعي الحداثة والمدنية ، ومن يظنون انفسهم أنهم أوصياء على الدولة والشعب ، وقد هبطوا من فضاء ليبرالي يهسجون ب"جان جاك روسو و ادم سميث و ديفيد هيوم و ديفيد ريكارديو و فولتير .
التاريخ الاجتماعي الاردني يقول أن الخلاف والصدام العشائري والمناطقي لم ينقطع ، وكان موجودا دائما ، ولكن أكثر ما يخبرنا التاريخ به أن تلك الخلافات و الصدامات لم تؤد يوما الى عمليات فظيعة ، ولا أدت الى شروخ عميقة في وحدة المجتمع السياسية التي لطالما واجهت اخطارا خارجية وقاومتها بصلابة وصلافة " .
في احداث أيلول التفت العشيرة والجيش لحماية الدولة و النظام من المليشيات والفكر المليشيوي القادم للبلاد من خارج التقليد السياسي الوطني الاردني .
وحتى لا تنفتح شهية المتفرجين الطامعين ، وليصمتوا فالعشائر الاردنية تملك من وسائل حكيمة ورشيدة ومسؤولة لاستيعاب الصدام والخلاف ، وكما فعلت جاهة شيوخ الاردن الكريمة التي ترأسها الباشا مازن القاضي في التحرك لاطفاء تداعيات الخلاف ما بين الفايز و الشوابكة .
ومن قبل الجاهة صدر وجهاء وشيوخ بني صخر بيانات تحمل معاني توكد على أن القانون هو المرجعية و اتخاذ الاجراءات العشائرية اللازمة لاطفاء أي تداعيات لاحقة ، وكما جاء في صريح القول في بيان النائب حابس سامي الفايز الذي صدر في اليوم الثاني من اندلاع الاحتجاجات .
والبيانات كانت موجة للسلطات ،والجاهة انطلقت بدافع وطني مدني وتقليدي اردني معا ، والمشكلة كما جرت العادة ان الاردنيين في " لاوعيهم الباطني"لا يثقون في السلطة ، وفي الذاكرة حوداث وقضايا أدى تلكؤ وعجز ومماطلة السلطات الى خروجهاوانحرافها عن حجمها ومستواها الطبيعي والمعتاد .
الاردنيون في الاطراف يواجهون علاقتهم مع الدولة بقلق ، و ثمة متسع للسؤال عن الهوية الوطنية ومستقبلها ، والتوترات الاجتماعية تفضح بمواضع كثيرة كيف تفكر الدولة بالمجتمع ؟ وكيف يفكر ايضا حملة الاجندات والمتربصون "القوى الخفية السرية " بالمجتمع الاردني ؟
قوة المجتمع تفحص بالمحن و الاختبارات الصعبة ، و في الخلاف الاخير سطر "بني صخر " باردنيتهم الاصيلة والعريقة والضاربة بالتاريخ صورة صافية و مشرقة ومشرفة و ايجابية للعشيرة الاردنية ، الاحتكام الى القانون والعدالة و الاجراءات العشائرية ، ولتعطي الكلمة و القول لصوت العقل والحكمة والرشد ، ولتكون مذهبا ونهجا اجتماعيا وعشائري راسخا ورصينا يتهدي اليه الاردنيون في السراء و الضراء .
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير