النسخة الكاملة

هبوب الجنوب يكتب : الأردن لمن ؟

الأربعاء-2017-12-12
جفرا نيوز - جفرا نيوز - خاص  - كتب – هبوب الجنوب

كتب بادي عواد العميد المتقاعد , والبطل الأردني قبل سنوات كتابه الجميل والمثير للجدل : الأردن لمن ؟...وقتها حين صدر الكتاب كان الأردن موزعا ..بين أنصار باسم عوض الله , وبين تيارات الحداثة والخصخصة ومؤتمرات الثرثرة , وبين وجوه جديدة لا نعرفها تسلمت مفاصل خطرة وحساسة ...وبين شخوص تسلموا قيادة مؤسسات واختصروا المؤسسات في أمزجتهم ...وبين عشيرة تعاني من التهميش , ومن التضيق وتصويرها على أنها معيقة للإصلاح والتنمية ..في ذات الوقت كان ابن المخيم تائها ..بين اللجوء والمواطنة ...
وكان هناك مجموعات محدودة من الكتاب والصحفيين الحداثيين والليبرالين , تحظى برضى مؤسسات السلطة ويتم الإستماع لرأيها وتحظى بدلال عبدالله النسور ..وهي في ذهن السلطة: نخبة الإعلام الأردني وما دون ذلك هم مجرد غثاء أو حمولة زائدة ...
إجابة على سؤال بادي عواد الأردن لمن ...كان الأردن لهؤلاء يا سيدي , للذين يحظون بأوسمة الرضى ...للذين يجلسون على موائد السلطة ويمارسون التنظير عليها ...لنعترف أنه تم فصل الناس وتم تصنيفهم ففي مجتمع الإعلام : هناك صحافة هي وحدة القياس للإعلام ...ومن هم على شاكلة فهد الريماوي أو خيري منصور يشكلون ربما عبئا على الليبرالية الجديدة ...هناك نخبة من الإقتصاديين الذين باعوا أصول الدولة , وهؤلاء رأيهم مهم ,ونحن ظلمناهم على قاعدة العصبيات القبلية ...
هكذا كان الأردن يا سيدي العميد بادي عواد ...ودعني أجيبك بمعزل عن أدبيات الخوف الصحفي الذي ..أرسيت دعائمه في لحظة من اللحظات ...أننا اتهمنا بالتخلف وبأننا مأزومون داخل إطار العشيرة وما يتبعها من عصبيات قبلية , حين انتبهنا يوما ..وقلنا لمن خرج من الباب وعاد من الشباك في مطبخ القرار .. عليك أن تخرج من المشهد لحجم ما أنتجت من خراب ..
هكذا كانت الصورة ولنعترف , من يهاجم باسم عوض الله هو عنصري ..من يقف في وجه مشاريع الخصخصة ..متخلف وقطعت عنه المعونة , من يدعوا لإعادة الإعتبار لمجتمعات العشيرة هو مأزوم ويرفض الفسيفساء الإجتماعية ...
الأردن لمن ...هذا سؤال بادي عواد الذي عجزنا جميعنا عنه , ولكن قبل الإجابة عن السؤال ..لنوضح حقيقة مهمة وهي : كانت المياه تسري من تحتنا ..وصحونا فجأة على استهداف أقل ما يقال عنه أنه اشبه بالمؤامرة ..يريدون عبره حشر الأردن في زوايا القبول والخنوع والرضى التام ...وربما , فيما بعد يريدون تحويله لمعبر وساحة للمؤامرة على فلسطين وأهلها ..وللأسف بدون ثمن وبدون اعتبار للأرض والإنسان , وربما يتطور الأمر وعلينا أن نقبل بما هو أكبر من قضية القدس حد أن تصل المؤامرة إلى أن يفرض علينا أن نمرر مشروع يهودية الدولة ونقبله..وأن نكون ساحة لتفريغ ما تبقى من فلسطيني الداخل ...بعبارة أخرى أن نكون دولة تقبل بالحلول وعلى حسابها ..ومن دون ثمن بل إنصياعا وخنوعا .
وسؤالي ..هذا المشروع بماذا سنواجهه , بتيارات الخصخصة التي قسمت البلد وشرذمتها , بجموع المراهقين الذين تسلموا مواقع حساسة وتعاطوا معها على أنها امتياز ولعبة جميلة ؟...بالذين اختصروا مؤسسات مهمة وحساسة بشخوصهم ؟...وصارت مزاجيتهم هي الأساس وهي من يصنع سياساتنا المحلية ...بمن نواجه هذا المخطط بالواين الفاخر والسيجار ..الذي اشتروه من غنائم الهيئات المستقلة وبيع اصول الدولة ؟...بماذا نواجه هذا المخطط ..بالصحفيين المؤلفة قلوبهم والذين أنفقت عليهم الدولة ملاينها؟ ..والذين يحظون برضى المؤسسات وكلمتهم مسموعة ..وهم طليعة الدولة ونخبتها , والباقون هم مجرد أعباء ..اسماء عشائرهم عار وكتاباتهم لعنة , وسجنهم مستحق وواجب ...بماذا نواجهه ؟بإعلام الإذاعات الأقرب لمنهج الغنج والدلع والمستثمرين العرب الذين تعاطوا مع دلع المذيعات وليس مع العقول ..بتلفاز تديره مذيعة , تقرر ..وتنفذ ولا يجرؤ أي مدير على سؤالها أو معارضتها ...
بماذا يا بادي نواجه المخطط ...ونحن مثل يوسف نعاني كل ظلم وكل وجع ..وهاهم إخوته يطعمونه الغدر لقمة تلو أخرى ..
لقد ولدت وأنا أسمع أن جدي كان مقاتلا في جيش الملك عبدالله الأول وأبي كان جنديا ومقاتلا في جيش الملك حسين , ولم تسعفني الايام أن أكون جنديا بالرتبة ...بل صرت بالقلم , فهو أحيانا مثل القايش والفوتيك وفيه من نبض العسكر ما فيه ...وقدري أن أدافع عن الملك والنظام بكل ما أوتيت من قوة ...
في النهاية , نحن من سيحمل معركة البلد ..نحن الفقراء والمحرومون والبدو الغارقين في ثنايا الرمل والغضب ..وأولاد المخيم الرابضين بين الصفيح والحلم ..نحن من سيقاتل دفاعا عن النظام والبلد ..نحن من سنفدي الملك بدمنا , ونقف مع الجيش ..حالنا حال من هبوا للدفاع عن قلعة الكرك بالحجارة والصدور العارية ...
سأجيبك يا بادي عواد ..الأردن لم يكن لنا كادوا أن يختطفوه منا ولكننا نستعيده في الأزمات , فالقلب يصبح قنبلة والعين طلقة والوريد بارودا ....حين يلفه الخطر ..
وها أنا أستعيد نبضك أيها الكبير الحليم الجميل في المقال , وأقول لك فقط وودت عبر هذه الإستعادة أن اذكر الناس بسؤالك المؤلم...الأردن لمن ؟
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير