النسخة الكاملة

أحزاب في "حيص بيص" .. ونخب اعتبرتها وسيلة للسلطة

Friday-2025-11-24 10:39 am
جفرا نيوز -
وصف الدكتور بلال المومني المشهد الحزبي، بأنه "مرحلة تأسيس" تشهد ولادة أكثر من 30 حزباً خلال فترة قصيرة، إلا أنه شدد على أن فشل معظم هذه الأحزاب في الانتخابات الأخيرة كان "محطة كان يجب أن يتوقفوا عندها بجدية". 

فيما اعتبر الدكتور فوزان البقور أن التجربة الحالية تعيد إنتاج مشهد قديم ارتبط بظهور أحزاب "مدفوعة بحوافز وليس برؤية"، مضيفاً أن "كثيرين رأوا في منظومة التحديث فرصة لإعادة إنتاج أنفسهم". أما المحامي حسام الخصاونة، فذهب إلى وصف جزء من هذه الأحزاب بأنها "جمعيات انتخابية موسمية" توقّف نشاط معظمها فور انتهاء الانتخابات

الضيوف أجمعوا على أن أزمة الثقة هي جوهر الأزمة الحزبية. 

الدكتور المومني أكد أن المواطن الأردني "شعب واعٍ لكنه لم يجد أثراً حقيقياً للأحزاب في حياته"، بينما أشار الخصاونة إلى أن الظروف الاقتصادية الصعبة دفعت المواطنين إلى فقدان الثقة بـ"الأحزاب والبرلمان والحكومة والبلديات جميعاً". ولفت الدكتور البقور إلى أن هذه الأزمة تظهر في كثافة الاستقالات والانسحابات وركود الانتسابات بعد الانتخابات، مؤكداً أن "المواطن أصبح لا يرى في الأحزاب أدوات تغيير حقيقية".

وفي جانب آخر، شدد المشاركون على أن شخصنة العمل الحزبي تمثل عقبة مركزية أمام تطور التجربة. الدكتور البقور اعتبر أن القانون الجديد فتح الباب أمام "إعادة إنتاج النخب التي فقدت نفوذها"، فيما أوضح الدكتور المومني أن بعض القيادات تتعامل مع الحزب "كوسيلة شخصية للوصول إلى السلطة". أما حسام الخصاونة، فأكد أن غياب الشباب عن مواقع القيادة يفاقم الأزمة، قائلاً: "الشاب الأردني لن يكون مجرد رقم، وعليه أن ينتزع حقه داخل الأحزاب".

أما الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب، فقد حصلت على نصيب كبير من النقد. الدكتور المومني كشف أن معظم الأحزاب لم تعقد انتخابات حقيقية لاختيار أمنائها العامين أو لجانها، متحدثاً عن واقعة "فصل قامة حزبية لمجرد إبداء رأي"، واصفاً ذلك بأنه "صورة من صور الدكتاتورية" داخل بعض الأحزاب. الضيوف أكدوا أن هذا الخلل يقوض مصداقية الأحزاب في مطالبتها بالديمقراطية على المستوى الوطني.

وفي تقييم أداء الأحزاب، أوضح المومني أن نشاط غالبية القوى السياسية توقف بعد الانتخابات، متسائلاً: "هل رأينا نائباً حزبياً طرح الثقة بوزير؟ لم يحصل". الخصاونة لفت إلى أن النواب الحزبيين "يجاملون الحكومة بدلاً من مراقبتها"، وهو ما يفقد التجربة معناها وأثرها.

على صعيد العلاقة مع الحكومة، اتهم الدكتور البقور حكومات متعاقبة بأنها "تعاملت مع الأحزاب بهدف إضعافها"، مشيراً إلى أن غياب اللقاءات الرسمية مع الأحزاب "رسالة سلبية للمواطن". الخصاونة أضاف أن الحكومة "تكسر مجاديف الأحزاب"، فيما اعتبر الدكتور المومني أن استقطاب أمناء عامين وتعيينهم وزراء "يفرغ أحزابهم من مضمونها" ويعطل مسارها.

ورغم الصورة القاتمة، اتفق  المتحدثين  على أن مستقبل التجربة الحزبية ليس مظلماً بالكامل. 

الدكتور المومني دعا إلى اندماج الأحزاب الصغيرة لتشكيل كيانات قوية، مؤكداً أن "الضامن الحقيقي للمشروع هو جلالة الملك"، ما يعني أن التجربة "لن تفشل، لكنها تحتاج وقتاً". الخصاونة شدد على ضرورة أن تكون الأحزاب "شرسة مع الحكومة" في الدفاع عن المواطن، بينما دعا البقور والمومني إلى إعادة بناء الثقة عبر النزول للشارع، وتبني قضايا مثل البطالة والفقر والمخدرات، وتفعيل الرقابة البرلمانية بشكل مستقل وفعّال.

وفي الختام أجمع الضيوف على أن إصلاح الحياة الحزبية في الأردن لن يتحقق إلا بتجاوز الشخصنة، وتطبيق الديمقراطية الداخلية، والاحتكاك الحقيقي بالمواطن، مؤكدين أن الكرة الآن في ملعب الأحزاب: إما أن تتجدد… أو تتلاشى.

 الحقيقة الدولية
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير