النسخة الكاملة

الرئيس يربح في مرونة المدينة ويخسر بصمت التلفزيون

الإثنين-2025-10-20 08:51 am
جفرا نيوز -
إياد الجغبير

في خطوة ايجابية  تعكس روح المسؤولية والتفاعل مع نبض الشارع اتخذت إدارة مدينة الحسين للشباب قرارا بوقف الغرامات المتعلقة بإطعام القطط داخل مرافق المدينة وهو ما لقي ترحيبا واسعا من المواطنين والمهتمين بحقوق الحيوان.

هذه الاستجابة تُظهر حرص الإدارة على الموازنة بين النظام والرحمة وتؤكد أن الحفاظ على سمعة المؤسسة العامة لا يكون بالتشدد دائما بل بالاستماع والتصحيح عند الحاجة.

مثل هذه القرارات تسجل لصالح مدير المدينة رعد ميرزا وفريقه وتعزز ثقة الناس بقدرة الحكومة على تصويب القرارات بما يتماشى مع القيم الإنسانية والقانونية وهو ما ينعكس أيضا بصورة إيجابية على رئيس الوزراء والحكومة باعتبارهما يقدّمان نموذجا في التفاعل مع نبض الشارع لا في الابتعاد عنه.

في المقابل لا تزال مؤسسة الإذاعة والتلفزيون تواجه تساؤلات متزايدة من الرأي العام حول أدائها وقراراتها دون أن تبادر إدارتها إلى توضيح رسمي يبدد الانتقادات ويوضح ملف التعينات والتعاقدات التي طرحت او التي سوف تطرح لاحقا ومن الطبيعي أن يثير غياب التواصل تساؤلات وانتقادات من الجمهور تتعدى التلفزيون لتحرق من رصيد الحكومة .

تجربة رئيس الوزراء الحالية تقدّم مثالا على النضج الإداري والتطور المهني فحين عمل في فترته الأولى بالديوان كان تركيزه ينصبّ على الجوانب الإجرائية والإدارية بينما كشفت تجربته الثانية في المنصب ذاته عن قدرة أكبر على إدارة الملفات العامة وفهم توازنات الدولة ومطالب الشارع حتى تمكن من الوصول إلى منصب رئيس الوزراء .

هذا التراكم في الخبرة ساعده اليوم في موقعه على التعامل مع القضايا بروح أكثر مرونة خاصة بعد تجربته في حكومة هاني الملقي واستطاع خلق معادلة تجمع  بين الالتزام بالقانون والاستجابة للمجتمع لتعزيز الثقة بين الحكومة والمواطنين.

أما في حالة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون فيبدو أن رئيس مجلس إدارتها غيث الطراونة ما زال يعتمد نهجا إداريا مرتبكا وعاجزا عن إقناع شريحة واسعة من الأردنيين إذ تتكرر المؤشرات على غياب الرؤية الواضحة وضعف القدرة على توجيه المؤسسة نحو أهدافها الوطنية والإعلامية.

ومن المهم أن يدرك رئيس مجلس الإدارة أن دور التلفزيون لا يقتصر على التفاعل الشكلي أو ملاحقة نسب الإعجابات على منصات السوشال ميديا بل يتمثل في تحديد استراتيجية مؤسسية ترفع من كفاءة المحتوى الإعلامي وتكرّس المهنية بوصفها أداة الدولة في إيصال رسالتها لا وسيلة للترويج الشخصي.

كما أن الاطلاع على تجارب رؤساء مجالس الإدارة في المؤسسات الإعلامية الناجحة ليس عيبا او رذيلة على العكس يمكن أن يشكل نقطة تحول في أداء المؤسسة ويساعد على بناء رؤية متوازنة بما يعيد الثقة بالإعلام الرسمي كمؤسسة وطنية لا بد أن تظل على مستوى تطلعات الشارع الأردني.

إن الفارق بين المؤسستين اليوم يكمن في الفلسفة الإدارية إدارة اختارت الحوار والتفاعل وأخرى ما زالت تؤخر التوضيح.
وفي نهاية المطاف تبقى الاستجابة للرأي العام ضمن الإطار القانوني والمؤسسي هي أقصر الطرق لتعزيز الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة وترسيخ صورة الحكومة كمنظومة تعمل مع الناس لا بمعزل عنهم.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير