في زمنٍ تتقاذفه العواصف وتشتد فيه رياح الأزمات، تحتاج الأوطان إلى رجال يثبتون كالجبال، لا تهزهم صرخات الشعارات ولا تغريهم بريق العواطف. رجال يعرفون أن الأردن لم يُبنَ بالصدفة، بل شُيّد على قيم الصبر والعزيمة والوفاء، وعلى تحالف متين بين القيادة والشعب. من بين هؤلاء الرجال يبرز فيصل الفايز، بصوته الهادئ ورؤيته العميقة، ليكون شاهداً ومعبّراً عن حكمة الدولة الأردنية وصلابة موقفها.
في أمسية فكرية لافتة، أطلّ رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز من على منبر منتدى عبد الحميد شومان متحدثاً بجرأة ووضوح عن التحديات الإقليمية وأولويات الأردن، مقدّماً خطاباً اتسم بالحكمة والتجربة العميقة التي اكتسبها عبر سنوات طويلة من العمل العام وخدمة الوطن.
الفايز قدّم رؤية رجل الدولة الذي لا تغريه العواطف ولا تشتته الشعارات، بل يضع مصلحة الأردن في المقام الأول، وينطلق من ثوابت راسخة تشكّل أساس استقرار البلاد وصمودها. وفي حديثه، شدّد على أن الولاء الصادق والانتماء الحقيقي هما الركيزة التي يقوم عليها بناء الدولة القوية القادرة على مواجهة أي ظرف مهما اشتدت التحديات.
وتوقف الفايز عند العشيرة الأردنية، وبيّن أنها لم تكن مجرد مكوّن اجتماعي، بل شكلت على الدوام صمام أمان، وحاضنة للقيم الأصيلة، وسنداً للدولة في كل المحطات المفصلية. وأكد أن قوة الأردن تستمد جانباً كبيراً منها من هذا النسيج الاجتماعي المتماسك، حيث تقف العشيرة إلى جانب القيادة ومؤسسات الدولة، فتغدو شريكاً أساسياً في الحفاظ على أمن الوطن واستقراره، ومصدراً لتعزيز وحدته الداخلية.
وفي معرض حديثه، ذكّر الفايز بمفهوم الهوية الوطنية الأردنية، مؤكداً أن الأردنيين جميعاً، بمختلف أصولهم ومنابتهم، يجتمعون على راية واحدة هي راية الوطن، وأن فلسطين تبقى قضيتهم المركزية، لكنه شدّد على عبارته الثابتة التي كررها منذ أن كان رئيساً للوزراء: "كلنا أردنيون للأردن، وفلسطينيون لفلسطين”. وهي عبارة تحمل دلالات عميقة على وضوح الانتماء وصدق الالتزام.
كما أوضح الفايز أن الموقع الجيوسياسي للأردن لم يكن يوماً عبئاً، بل كان مصدر قوة وميزة استراتيجية توفر له الحماية والدور المحوري في استقرار الإقليم. وهو تحليله الذي استند فيه إلى وقائع ومعطيات لا إلى تكهنات، مؤكداً أن هذا الموقع الفريد يمنح الأردن قدرة على لعب أدوار مؤثرة إقليمياً ودولياً.
ندوة فيصل الفايز في منتدى شومان لم يكن مجرد ندوة فكرية عابرة، بل كان أشبه ببيان سياسي رصين، يضع النقاط على الحروف ويرسم معالم رؤية أردنية متوازنة للتعامل مع تعقيدات المرحلة. وخلاصة القول، أثبت فيصل الفايز أنه رجل دولة بامتياز، يتحدث بعقلانية وجرأة، ويضع الأردن فوق كل اعتبار، مستنداً إلى ثوابت راسخة: قيادة هاشمية حكيمة، مؤسسات وطنية متينة وشعب منتمي لوطنه و ملتزم بقضايا أمته .