جفرا نيوز -
محمد علي الزعبي
في زوايا الوزارات وأروقتها، يسود صمت ثقيل لا تخطئه العين، صمت لا يُفسَّر بالروتين الإداري ولا ببرودة آب، بل يُقرأ كهدوء ما قبل عاصفة تعديل وزاري يُقال إنه وشيك. الوزراء يلتزمون جدران مكاتبهم، وكأن الزمن توقف في انتظار ورقة من الديوان، أو مكالمة من الرئاسة تُبدّد الغموض أو تؤكده.
الصالونات السياسية من جهتها ليست أكثر صخبًا، لكنها أكثر تحليلًا. الحوارات فيها لا تخرج عن احتمالات الأسماء الراحلة وتكهنات القادمين. الكل يتأمل خريطة التوزيع الجديدة إن كُتبت، ويتمعّن في خلفيات الحركة، ومغزى التوقيت، وأبعاد الرسائل.
أما الشارع الأردني، فليس أقل ترقبًا من النخبة، بل أكثر احتقانًا. على الأرصفة وفي المقاهي، في وسائل التواصل وحتى على أبواب الدوائر الرسمية، تكثر التساؤلات: هل يشمل التعديل وزارات السيادة أم يقتصر على خدماتية؟ هل هو تعديل تقليدي أم جراحي؟ وهل يستجيب للنبض الشعبي أم لإيقاع داخلي في مطبخ القرار؟
ما يزيد من سخونة المشهد أن البلاد تمر بمرحلة دقيقة، تُنفّذ فيها برامج التحديث بمساراته الثلاثة (السياسي، الإداري، والاقتصادي)، وتتصاعد فيها تحديات الإقليم، ويتعمّق فيها الإدراك الشعبي بالحاجة إلى كفاءة الأداء لا مجرد تغيير الأسماء.
الهمس في الدوائر المغلقة يشير إلى أن التعديل – إن وقع – لن يكون تجميليًا، بل قد يحمل مفاجآت في الأسماء والهياكل، ويُراد منه تعزيز الانسجام التنفيذي وضخّ دماء قادرة على استيعاب سرعة المرحلة. لكن هل يكفي التعديل وحده؟ أم أن المطلوب هو مراجعة عميقة لنهج الإدارة وتقييم صريح للأداء الوزاري؟
الرأي العام الأردني، الذي أثبت نضجه ووعيه، لا يلهث وراء الأسماء بقدر ما يطالب بنتائج ملموسة. ولعل الرسالة الأهم التي يتطلع إليها المواطن هي أن التعديل القادم – إن تم – يجب ألا يكون مجرد تقاطع مصالح أو توازن محاصصات، بل قرار وطني ينسجم مع الرؤية الملكية ويترجم أولويات الدولة في هذه المرحلة الحرجة.
وفي الانتظار، تبقى الأعين مفتوحة، والعقول مشغولة، والقلوب معلقة بما سيُعلن، فاللحظة سياسية بامتياز، والإدارة الحكومية أمام امتحان التحديث والنجاعة والثقة الشعبية.