لماذا يطلق الأردنيون؟
الإثنين-2012-12-24 10:55 am

جفرا نيوز -
قاضي القضاة: 16086 حالة طلاق العام 2011
جمعية العفاف: 45 بالمائة من حالات الطلاق تكون "ما قبل الدخول"
درويش: الفضائيات تدفع الزوجين لمقارنة الواقع!
جفرا نيوز- "هستيريا الذكور" توصيف أطلقته "ب.س" التي عاشت مع وحش بشري لمدة تسعة أعوام كاملة "على الحلوة والمرَّة"؛ تقاسما خلالها لقمة العيش.
بمرور الأيام يكشر الوحش عن أنيابه مفترساً "ضلعه الأقصر" بالاعتداء عليها بالضرب ولولا صدفة "قلب الأب العارف" لأزهقت روح إنسانة كان ذنبها أن وضعت كامل ثقتها في إنسان.
"أحببت ذلك الرجل"، تقول (ب.س) وهي تسترجع بدايات حكايتها، وتضيف "كان يعاني من وضع اقتصادي سيئ" حين تقدم للزواج مني.
وتتابع، والدموع تملأ عينيها، "وافق والدي على نسيبه الجديد وقام بتشغيله في عمله الخاص، ليكتشف لاحقاً أن صهره يسرقه.
توارى الصهر عن الأنظار وبدأ الحمو بحل القضية بالود والاحترام حفظاً للعشرة كما تقول، لكن المعضلة ظهرت عندما اكتشف أن هناك العشرات يطالبونه بأموال أستدانها صهره؛ عندها توجه "الحمو" للمدعي العام وبلغ عن "الصهر" وجلبوه من إحدى الشقق بمنطقة عمان الغربية، وهناك ظهرت المفاجأة بأن زوج الابنة يعيش باسم مزور، وما أن سمعت "ب.س" بالقصة حتى انهارت عصبياً وأخذت تتمتم "الوحش .. الوحش.. الوحش".
عندما وصلت القضية للمحكمة بقيت المرافعات قائمة بين الزوجين لمدة 7 أشهر وعندها قالت "ب.س" للقاضي لا أستطيع العيش مع هذا الوحش الكاسر، فمن يخون المال الذي استؤمن عليه يخون كل شيء، وما زالت إلى الان تراجع في عيادات الطب النفسي في ظل حالة الرعب والخوف التي أودت بحياتها للجحيم على حد قولها.
هذه قصة من عشرات القصص التي وصلت إلى المحاكم الشرعية والمراكز الأمنية والجمعيات المختصة بقضايا الزواج، لتدق ناقوس الخطر في ما صار يعرف بـ"ظاهرة" الطلاق في الأردن وفقاً لوصف رئيس قسم علم الاجتماع بالجامعة الأردنية الدكتور خليل درويش.
تشير الأرقام الصادرة عن دائرة قاضي القضاة إلى 16086 حالة طلاق وقعت العام 2011 توزعت على 3024 حالة طلاق رجعي، 6355 طلاق بائن قبل الدخول، 6283 طلاق بائن بعد الدخول، و424 حالة طلاق بائن بينونة كبرى، فيما سجلت الدائرة 64257 حالة زواج في العام ذاته.
الناظر العادي لهذه الأرقام يلاحظ أن 25% من حالات الزواج مصيرها الانفصال، بيد أن رئيس جمعية العفاف الخيرية مفيد سرحان يدحض هذا الاستنتاج بالقول "إن نسبة الطلاق تقاس لمجموعة عوامل منها ان بعض حالات الزواج تكون قد استمرت لـخمسة أعوام او أكثر وتم الطلاق في العام الماضي إضافة إلى أن معيار الطلاق العالمي يأخذ بمجموعة عوامل على رأسها عدد السكان".
ويؤكد سرحان في حديثه لـ"عمون" ان 45.3بالمائة من حالات الطلاق في الأردن تكون "ما قبل الدخول" وليس بعد حدوث الزواج الفعلي ما يعني أن نسبة الطلاق في الأردن غير مرتفعة بالمقارنة مع غيره من الدول وفقاً للاستقراءات التي تجريها جمعيته والتي يختص هو شخصياً بها.
وفيما يخص الفئات العمرية؛ تفيد أرقام دائرة قاضي القضاة بوقوع 6250 حالة طلاق العام الماضي ضمن الفئة العمرية من 30 -40 سنة، تبعتها الفئة العمرية 26-29 سنة بـ 2952 حالة، ثم فئة ما بعد الأربعين بـ 2915 حالة، والفئة العمرية من 18-20 سنة بـ 542 حالة واخيرا سجلت الفئة العمرية اقل من 18 سنة 19 حالة طلاق .
ويلخص سرحان أسباب الطلاق في الأردن بسوء الاختيار الذي حاز نصيب الأسد فيها، إضافة لتوسع العلاقات بين الجنسين في المجتمع الأردني، وتدخل الأهل، والظروف الاقتصادية، وانتشار التعليم، كلها أسباب تدفع بهذه الظاهرة للبروز إلى السطح وهو الرأي الذي يوافقه درويش إذ يؤكد أن علم الاجتماع لا ينظر للموضوع من زاوية واحدة؛ لأن هذا العلم لا يؤمن بالسبب الأحادي لتحليل الظواهر .
ويزيد درويش بأن العوامل تتعدد لبروز الظاهرة وأهمها الفضائيات التي تدفع الزوجين لمقارنة ما يشاهدانه عبرها بالواقع الذي يعيشانه بالتالي حدوث الخيانات الزوجية، وفارق العمر الكبير، ومستوى التعليم.
ويبرز درويش في هذا المقام نقطة جديدة تتمثل "بولاء المرأة في مجتمعاتنا" فهي تدين بالولاء لأهلها أكثر من الولاء لعائلة الزوج ما يسبب مشكلة كبيرة
ويطلق درويش لقب "الفترة الحرجة" على مرحلة الزواج الأولى والتي من الممكن أن تمتد لثلاث سنوات يكون فيها الزوجان في سعادة غامرة، دون أن يدور في خلدهما أن التراكمات المادية التي تكبدها الزوج من أجل حفل الزواج وتكاليفه ستكون وبالاً عليهما لأن الزوج لن يكون بمقدوره توفير كل متطلبات الزوجة المادية بسبب ديونه، الأمر الذي يدفع للخلاف والطلاق في نهاية المطاف.
وعن طلاق ما قبل الدخول يرى درويش أن الإعجاب المتبادل والانبهار بين الخاطبين يدفعهما لتقوية العلاقة من خلال الخطوبة "وكتب الكتاب بينهما" الأمر الذي يدفعهما للتقرب اكثر ومعرفة الخفايا والأسرار عند كل واحد منهما ما يدفع للطلاق الذي قد تبدأ به الزوجة وهو ما يطلق عليه "الخلع"، وفي نظرة لأرقام الخلع الرسمية تعطي أرقام المحاكم الشرعية نتيجة وهي 806 قضية خلع في العام الماضي منها 446 قضية مدورة من أعوام سابقة، فصلت 154 قضية فيما أسقطت 316 قضية.
وتؤكد دائرة قاضي القضاة في ردها على أسئلة "عمون" انها والمحاكم الشرعية التابعة لها تحاول الإصلاح والتوفيق بين الزوجين لأهمية الصلح بين الزوجين وأثره على استقرار الأسرة وحماية حقوق الأبناء قبل الطلاق.
وبما أن قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم 36 لسنة 2010م بما يشتمل عليه من معايير حماية للأسرة بشكل عام وللمرأة والطفل بشكل خاص أوجب في المواد القانونية المتعلقة بالتفريق القضائي للخلع والشقاق والنزاع على المحكمة بذل جهدها في إصلاح ذات البين حماية للأسرة وإدامة لها.
وتضيف الدائرة أن المحكمة لا تنتقل إلى المرحلة التالية من الدعوى إلا بعد أن تبذل طاقتها وتستنفد جهدها في محاولة الصلح كما أن القانون أوجب على المحكمة في بعض الصور والحالات المتعلقة بإنهاء العلاقة الزوجية الإمهال أو الإعذار أو الإنذار لأن يتصالح الزوج والزوجة ويتجاوزا مرحلة النزاع .
وتبين الدائرة أنه وعلى فرض فشل هذا العرض فإن المحكمة تحيل الأمر إلى حَكَمين يكلفان بموجب قرار المحكمة ببذل الجهد للتعرف على الأسباب التي تدعو الطرفين أو أحدهما للمطالبة بإنهاء العلاقة الزوجية كما توجب عليهما أن يبذلا جهدهما في إصلاح ذات البين والوصول بالطرفين إلى حل توافقي وذلك كله قبل صدور القرار القضائي المتعلق بالتفريق بين الزوجين.
ولا تلجأ الدائرة للطلاق إلا للضرورة بحيث لا ينعكس هذا القرار سلبا على باقي أفراد الأسرة بحيث تحفظ كل الحقوق المتعلقة بالأبناء وبكل من الزوجين بعد الفراق.
وتشير الدائرة إلى أن قانون أصول المحاكمات الشرعية قد نص على استحداث مكاتب للإصلاح والتوفيق الأسري وقد تم إعداد البنية التحتية المتعلقة بهذه المكاتب التي من غاياتها أن تقدم النصح والإرشاد للمقبلين على الزواج لتضمن بالقدر الممكن تأهيل الطرفين لتجاوز العقبات التي قد تظهر خلال الحياة الزوجية وبحيث لا تشكل هذه العقبات أي منعطف في المستقبل.

