لو بقي الجيش السوري حياً، قادراً، متمكناً، منتشراً، لما هيمنت عصابات التطرف، والتسليح، والاعتداء من أي طرف يتمادى، ويدعي الحرص على جماعته.
لو بقي الجيش السوري، كما كان، قبل أن تستهدفه قوات المستعمرة الإسرائيلية، بالتدمير الكامل، تدمير المطارات والطائرات، وسلاح الدفاع الجوي، والدبابات، والقواعد البرية والبحرية والجوية، بقرار متعمد وتوجه مقصود، لأجواء الجو والبر والبحر، بهدف الهيمنة والسيطرة وتفرد قوات المستعمرة على كامل أرض سوريا، و إنهاء سوريا كجبهة مواجهة قائمة أو محتملة.
لقد تمكنت قوات المستعمرة من تدمير كامل الجيش السوري بعد 8 كانون أول 2024، أي بعد سقوط النظام السابق، مستثمرة حالة الفراغ السياسي، ووقت التحول، ولذلك أظهرت العداء المسبق، والإحراج لقادة التغيير، عبر: 1- تدمير كامل للجيش السوري، 2- التمدد في الاحتلال وتوسيع مساحته ليشمل إضافة إلى الجولان مناطق من سهول حوران، قريبة من العاصمة دمشق، وحتى الحدود الأردنية، 3- فرض إخلاء مناطق جنوب سوريا من الجيش والسلاح وجعلها منطقة خالية من قوات النظام والقانون، وبذلك أعطت الفرصة والغطاء للعصابات المسلحة من كافة الأطراف كي تفرض نفسها، وتتصادم مع منافسين، وبذلك هيأت المستعمرة وسياساتها وتوجهاتها، هيأت الوضع على الأرض وفي الميدان للتمادي والتصادم والانفجار كما وقع وحصل، والأكثر سوءاً أنها دفعت الأطراف المسلحة نحو التصدي لقوات النظام حتى تبقى الاستباحات مفتوحة لكل الأطراف.
سياسياً وعملياً، ولولا إجراءات المستعمرة، وتدخلاتها، وتدميرها المسبق للجيش السوري، لما وقع الصدام بين الأطراف، بين ما يسمى العشائر وبني معروف، وكلاهما أصحاب الوطن، شركاء فيه، عاشوا عشرات السنين جيراناً موحدين في مواجهة الاستعمار الفرنسي، ومواطنين في دولة سوريا الواحدة، بدون تمييز، أو تنصل، بل إن بني معروف وهم عرب أصلاء، أعلنوا في الجولان السوري المحتل، رفضهم الحصول على الجنسية الإسرائيلية، رغم ضم الجولان لخارطة المستعمرة، وحافظوا على هويتهم الوطنية السورية وقوميتهم العربية، ومذهبهم التوحيدي كمؤمنين أنقياء من التغول الصهيوني الإسرائيلي، وكانت الدولة السورية في عهد البعث تحترم خياراتهم، ومنحتهم الامتيازات بما فيها تلقي أولادهم التعليم الجامعي مجاناً مع منح مالية تساعدهم على الحياة طوال مرحلة الدراسة في دمشق وغيرها بعيداً عن مكان إقامتهم في الجولان، والاقلية منهم رضخوا لأسباب عملية للضغوط الإسرائيلية.
الاشتباكات بين أبناء الشعب العربي السوري الواحد في السويداء ليست بريئة من عصابات إجرامية، طامعة في الابتزاز، أو عصابات سياسية مسلحة متطرفة متعصبة، أو أدوات استخبارية تتبع المستعمرة وتأتمر بتوجهاتها وتعليماتها، وهي كذلك، بهدف تفجير الجبهة الداخلية السورية تسهيلاً للابتزاز الإسرائيلي نحو التطبيع المجاني، بدون التنازل أو التراجع عن ضم الجولان، وبقاء الاحتلال مستديماً، لأرض الجولان السوري، وهو ما لا يستطيع النظام قبوله، والإذعان له بقبول التطبيع، وإنهاء حالة الحرب، مع بقاء الجولان السوري محتلاً.
أزمة سوريا، مصدرها المستعمرة الإسرائيلية، سابقاً، وستبقى كذلك حتى يتمكن الشعب السوري من وحدة إرادته على قاعدة التعددية والديمقراطية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، كي يتمكن من تحرير أرضه بالكامل من الاحتلال الإسرائيلي.