النسخة الكاملة

الاستثمار بالمواهب حل الأزمة المالية للأندية

الثلاثاء-2025-07-08 10:49 am
جفرا نيوز -
في ظل الأزمات المالية المتكررة التي تعاني منها الأندية الأردنية، برز الاستثمار في اللاعبين الشباب كأحد الحلول الواقعية والفعالة لتعزيز مداخيل الأندية وتوفير السيولة اللازمة لتسيير أمورها الإدارية والفنية، بعيدا عن الحلول المؤقتة أو انتظار الدعم الحكومي.

وأثبتت تجارب عدة، أن تصدير المواهب الشابة إلى الخارج لم يعد مجرد إنجاز فني، بل تحول إلى رافعة اقتصادية حقيقية قادرة على إنعاش خزائن الأندية وسد جزء كبير من الالتزامات المتراكمة.

وشكلت صفقة انتقال نجم المنتخب الوطني ونادي الرمثا الشاب علي عزايزة إلى صفوف فريق كاظمة الكويتي نموذجا حيا على أهمية هذا التوجه، إذ ساهمت الصفقة بشكل مباشر في حل أزمة مالية كانت تضغط على إدارة النادي، وقد حصل الرمثا على 220 ألف دولار، منها 170 ألفا من كاظمة و50 ألفا من اللاعب، حيث سيستثمر الرمثا هذه المبالغ التي تأتي على شكل دفعات، في دفع مستحقات متأخرة للاعبين والجهاز الفني، إلى جانب إجراء تعاقدات جديدة وتجديد عقود لاعبين بارزين للموسم المقبل، الأمر الذي منح الفريق استقرارا جيدا وعزز جاهزيته للمنافسات المقبلة.

وفي السياق ذاته، نجح نادي الوحدات في الاستفادة من صفقة انتقال نجم الفريق والمنتخب إبراهيم صبرة إلى نادي جوزتيبي التركي، حيث بلغت حصة النادي نحو 170 ألف دولار، شكلت دعما ماليا مهما ساعد على تسوية العديد من الملفات العالقة داخل أروقة النادي، بما في ذلك تسديد مستحقات سابقة وإنجاز عدد من التعاقدات تحضيرا للموسم الجديد.

ومن الأمثلة البارزة على الاستثمار المالي الناجح في الطاقات الشابة، تأتي تجربتا موسى التعمري وعمر هاني "على سبيل المثال فقط فهناك صفقات كثيرة تمت لنجوم شباب بالكرة الأردنية" ، وهما من الأسماء التي تركت بصمة واضحة في مسار احتراف اللاعبين الأردنيين، فقد حصل نادي شباب الأردن على مبلغ جيد من صفقة انتقال لاعبه التعمري إلى فريق أبويل القبرصي، لكنه حصد لاحقا عائدا إضافيا مهما بعد انتقال التعمري إلى فريق آود هيفرلي لوفين البلجيكي، بموجب بند في العقد ينص على حصول شباب الأردن على 10 % من قيمة الصفقة الجديدة ولمرة واحدة فقط. 

هذا النوع من البنود الذكية في العقود يفتح أمام الأندية آفاقا أوسع لتحقيق دخل مستمر عند بيع لاعب لمرة أو أكثر، وهو ما يتطلب وعيا إداريا وخبرة تفاوضية دقيقة.

وفي تجربة مشابهة، ساهم انتقال اللاعب عمر هاني إلى أبويل القبرصي في انعاش خزينة النادي الفيصلي، حيث حصل الأخير على مبلغ مالي مرتفع مكن الإدارة من تخفيف الأعباء المالية، خاصة في ظل المصاريف العالية المرتبطة بتجهيز الفريق. 

وقد مثلت هذه الصفقة أيضا إحدى  المحطات القليلة للاعب أردني في مسيرة احترافية حقيقية داخل أوروبا.

ورغم هذه التجارب الإيجابية، إلا أن الواقع يكشف عن فجوة كبيرة بين الإمكانيات الكامنة في المواهب الأردنية وبين حجم الاستثمار الفعلي فيها؛ فالكثير من الأندية ما تزال تفتقر إلى منهج علمي في تطوير وتسويق لاعبيها، وتعتمد على الاجتهادات الفردية أو الصدف، كما أن غياب البنية التحتية الحديثة، وضعف القدرات التسويقية والإعلامية، وانعدام التعاون مع وكلاء مؤهلين، كلها عوامل تحد من فرص تسويق اللاعبين خارجيا بشكل منتظم.

ويرى المراقبون للشأن الرياضي أن المطلوب اليوم هو اعتماد استراتيجية وطنية تشجع الأندية على الاستثمار في قطاع الناشئين، وتوفر الأدوات اللازمة لتسويق اللاعبين بطريقة احترافية، عبر منصات رقمية وإحصائيات دقيقة ومقاطع فيديو تحليلية تبرز مواطن القوة والمهارة لدى اللاعبين، كما أن تضمين العقود ببنود تضمن حصة من إعادة البيع، أو عوائد مستقبلية، يمكن أن يشكل مصدر دخل ثابت ومستدام.

وييدو أنه من المهم أن تدرك الأندية أن التجارب الناجحة التي شهدناها خلال الأعوام الأخيرة، ليست مجرد محطات فردية، بل نماذج يفترض البناء عليها وتطويرها ضمن رؤية واضحة ومستقرة، فالعوائد المالية التي تحققت من صفقات مثل التعمري، صبرة، عزايزة وهاني، يجب أن تكون دافعا لتبني سياسة استثمار مستدامة في الطاقات الشابة، لا أن تبقى حبيسة ظروف طارئة أو اجتهادات شخصية.

إن الاستفادة من التجربة الماضية تتطلب وقفة تقييم صادقة، وإرادة جماعية من الإدارات الرياضية لتغيير طريقة التفكير والتخطيط، والانتقال من منطق "النتائج السريعة" إلى العمل المؤسسي طويل الأمد، فالموهبة الأردنية موجودة، والإمكانيات الفنية واعدة، لكن المفتاح الحقيقي يكمن في الاحتراف الإداري، والتفكير في اللاعب كأصل اقتصادي وثقافي ورياضي في آن واحد.

اللاعب الشاب الأردني لم يعد مجرد عنصر داخل الملعب، بل أصبح أداة إنقاذ مالية وفنية، يمكن عبرها إحداث نقلة نوعية في واقع الأندية، وإذا ما تم الاستثمار فيها بذكاء، فإن الكرة الأردنية ستدخل عصرا جديدا من التوازن والاستقرار والنمو.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير