النسخة الكاملة

السياحة إذ تناضل لتتنفس..!

الثلاثاء-2025-07-08 09:35 am
جفرا نيوز -
هاني الدباس 

في جهود  دعم الحكومة للقطاع السياحي ، جاء قرار إعفاء المنشآت السياحية والفندقية، باستثناء فئة الخمس نجوم  من فوائد البنوك على القروض الجديدة فقط ، كخطوة تستهدف إعادة ضخ الروح في أحد أكثر القطاعات تأثرًا بالأزمات المتتالية. 
رغم الترحيب المبدئي بالقرار، إلا أن الأسئلة تتزايد حول مدى نجاعته، وما إذا كان يلامس فعليًا التحديات العميقة التي تواجه المستثمرين والمشغلين في القطاع.

الإعفاء من فوائد القروض الجديدة بلا شك يوفّر فرصة لبدء مشاريع جديدة، أو تطوير منشآت قائمة دون الأعباء المالية المعتادة ، كما يعزز قدرة المؤسسات على التوسع أو التحديث، ويدفع بالاستثمار المحلي إلى الواجهة ، لكنه، في ذات الوقت يعمق الفجوة  حين يستثني القروض القديمة التي ما زالت تثقل كاهل عشرات الفنادق والمرافق السياحية، التي اضطرت للاستدانة في ظروف استثنائية منذ الجائحة إلى الأزمات الإقليمية  دون أن تتعافى بعد.

إن حصر الإعفاء بالقروض الجديدة فقط يعني مساعدة من يستطيع البدء من الصفر، لكنه قد لا ينقذ من يصارع للبقاء  جراء الضربات المتتالية ، والأهم من ذلك، أن الكثير من المنشآت الصغيرة والمتوسطة ليست بحاجة إلى قروض إضافية بقدر ما تحتاج إلى تخفيف عبء القروض السابقة، كي تتمكن من سداد رواتب، أو تجديد تشغيل، أو تفادي الإغلاق القسري.

هنا يبرز طرح بديل أكثر عدالة وواقعية: ماذا لو شمل الإعفاء الفوائد المستحقة على القروض القديمة؟ هذه الخطوة وإن كانت أكثر تكلفة على المدى القصير، فإنها ستكون أكثر أثرًا واستدامة على المدى البعيد ، فهي تمنح المؤسسات المتعثرة فرصة حقيقية للتنفس، وتعزز من استقرار السوق، وتحمي الوظائف، وتعيد الثقة إلى المستثمرين الذين باتوا يترقبون جدية الدولة في دعم هذا القطاع لا فقط تحفيزه.

لا يمكن فصل هذا القرار عن رؤية أوسع تحتاج إلى إعادة هيكلة أدوات التمويل السياحي ، فالمطلوب اليوم هو إطلاق أدوات مالية مخصصة للقطاع السياحي، مثل برامج إعادة جدولة القروض بفوائد صفرية، أو تقديم ضمانات حكومية جزئية للبنوك المانحة، أو حتى تأسيس صندوق تمويل سياحي تنموي يموّل المشاريع بشروط تفضيلية.

إن التعامل مع السياحة كمجرد نشاط موسمي يجب أن يتوقف فوراً فالمرحلة تقتضي الاعتراف بها كقطاع إنتاجي حيوي، تتطلب قرارات اقتصادية جريئة، مشابهة لتلك التي تُتخذ في قطاعات الزراعة أو الصناعة.

 إن قرار الإعفاء، رغم أهميته، يجب ألا يكون نهاية المطاف بل بدايته لان المسار الإصلاحي الحقيقي يبدأ من فتح ملف القروض القديمة بشفافية وشجاعة، وتوسيع دائرة الحوافز لتشمل الاستمرارية، لا فقط المبادرات الجديدة. 

وحدها الحلول الشاملة هي القادرة على إنقاذ ما تبقّى، وإعادة بناء ما سقط او ما هو آيلٌ للسقوط ، وإطلاق مرحلة جديدة من التعافي الحقيقي في السياحة الأردنية.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير