النسخة الكاملة

الصفدي في باريس .. والاعتراف يحتضر

الإثنين-2025-05-26 08:48 am
جفرا نيوز -
إياد جغبير

مع إستمرار التحضيرات للقمة الفرنسية السعودية بخصوص ملف حلف الدولتين تتزايد المخاوف العربية من احتمالية انحراف الموقف الفرنسي من زاوية دعم الاعتراف بالدولة الفلسطينية بشكل مطلق إلى نقطة الإعتراف المتبادل.

ورغم أن عددا من الدول الأوروبية أعلنت رسميا نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية الى أن موقف فرنسا في الغرف المغلقة بات يشوبه بعض الضبابية بعدما طرحت مؤخرا خيار Mutual Recognition ويعني  الاعتراف المتبادل كمقدمة للإعتراف بالدولة الفلسطينية.

في السابق كانت فرنسا ترى الاعتراف بفلسطين واجبا أخلاقيا وسياسيا خاصة بعد المجازر التي تعرضت لها  غزة والاعتداءات المتكررة في الضفة الغربية أما اليوم فإن ربط هذا الاعتراف بشرط أن يعترف الفلسطينيون بإسرائيل فأنه يُدخلنا في نفق الاعتراف المشروط .

وظاهريا يبدو الطرح متوازنا في ميزان الدبلوماسية لكن جوهريا هو طرح لتقويض الحقوق الأساسية للفلسطينين بدلًا من تعزيزها. 

وفي  السياق الفلسطيني فأن هذا التحول يفرغ الاعتراف من مضمونه السياسي كإداة ضغط على اسرائيل  و يُضعف الموقف الأخلاقي الأوروبي رغم وجود دول اوروربية اخرى مصممة على إلاعتراف لكن اعتراف فرنسا بالدولة الفلسطنينة لن يقف عندها فالعديد من الدول الأوروبية من المتوقع ان تتبع قرارها لثقلها السياسي سواء على مستوى الاتحاد الاوروبي او العالمي .

لذلك فأن أي انزلاق في ملف الاعتراف من قبل  باريس او لندن قد يؤدي إلى سحب مواقف دول أوروبية أخرى خلفهما. 

أما بريطانيا فما زالت تُظهر تصميما أكبر على الاعتراف بدولة فلسطين إلا أن ثمة تلميحات تشير الى عدم الاطمئنان بنسبة كبيرة و التوازي في بعض نقاط الطرح مع الفرنسيين حتى وإن بقي داخل الغرف الدبلوماسية إلا أنه يُظهر أشارة اوروبية مقلقة نحو إفراغ الاعتراف من بعده السيادي والحقوقي و لن تعجز الأردن عن قرائتها حتى وان لم تطرح علنا  .

الاردن والذي من المتوقع أن يكثف جولاته الدبلوماسية الفترة المقبلة في اوروبا لا ينظر الى القضية الفلسطينية نزاعًا بين طرفين متساويين بل يرى بانها قضية شعب تحت الاحتلال و ان الاعتراف بدولة فلسطين لا يجب ان يُستخدم كورقة مساومة لفرض تنازلات بل هو خطوة ضرورية نحو تصحيح الظلم التاريخي.

بالنهاية فرنسا اليوم أمام امتحان "أخلاقي سياسي" جديد وقرارها بالاعتراف المباشر لا يعتبر مناورة سياسة بل مؤشر على مدى حرصها على تحقيق حل الدولتين فضلا عن تاثير قرارها على مستوى حضور القادة من عدمه في مؤتمر نيويورك.
  
الدول  الأوروبية المؤيدة بشكل كامل للاعتراف سوف تستمر في إعلانها ومن المتوقع ان تدعو فرنسا الثبات على موقفها وسوف يبذل إلاردن وغيره المزيد من الجهود الأسابيع المقبلة لذلك لكن قرار إلاعتراف الفرنسي يبقى في يد ماكرون.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير