النسخة الكاملة

سياسة إيران… تهدئة مع أمريكا وتصعيد مع إسرائيل

الأربعاء-2025-05-14 02:11 pm
جفرا نيوز -
الدكتور محمود عواد الدباس. 

¼

 يدخل هذا المقال في بوابة التفكير خارج الصندوق. كما يدخل في بوابات الاجتهادات غير المعقولة لدى الكثيرين ممن يقرأون هذه المقالة. دخولًا في موضوع المقالة، أقول إنه من قراءة أحداث الأسبوع الماضي وقراءة أحداث هذا الأسبوع، يمكن قراءة تحركات حركة أنصار الله (الحوثيون) وكذلك تحركات حركة حماس وتحركات حزب الله اللبناني أنها جاءت بتحريك وقرار إيراني. في مزيد من التوضيح، نقول إن السياسة الإيرانية وخلال المفاوضات التي تجري بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية (أربعة جولات إلى الآن) تحاول إيجاد فاصل ما بين المسارين المرتبطين معًا، وهما المسار الأمريكي والمسار الإسرائيلي.

2/4 

كي تنجح إيران في إيجاد هذا الفاصل بين المسارين الأمريكي والإسرائيلي، فإن عليها تقديم خدمات تخص أمريكا ولا تخص إسرائيل. من الأمثلة على ذلك، هناك ثلاثة أمثلة. المثال الأول، إيقاف الحوثيون استهدافهم للسفن الأمريكية مع الاستمرار في استهداف السفن الإسرائيلية، وفوق ذلك استمرارهم في إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل. أما المثال الثاني، فهو قبول حركة حماس تسليم الأسير الإسرائيلي مزدوج الجنسية، فهو أمريكي أيضًا، كمبادرة حسن نية تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، مع استمرار حماس في ذات الوقت في السير وفق إيقاع متشدد في المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل. أما المثال الثالث، فهو عودة حزب الله في لبنان إلى الهدوء من جديد دون ممارسة تصعيد مع الدولة اللبنانية. ماذا يعني هذا الكلام؟ إنه يعني أن سلطنة عمان ليست هي من تمكنت من إقناع الحوثيين في وقف التعرض للسفن الأمريكية، وإنما هي إيران من ألزمت الحوثيين بذلك. أيضًا يعني ذلك أن قطر ومصر كوسطاء في المفاوضات ليسا من أقنعا حماس بتسليم الأسير الأمريكي الإسرائيلي، وإنما هي إيران من ألزمت حماس بذلك. أيضًا يعني ذلك أن الحكومة اللبنانية ليست هي من تمكنت من إسكات حزب الله، وإنما هي إيران من ألزمت حزب الله بذلك. يُبنى على ذلك ما هو أبعد، أن قرارات الحوثيين وكذلك حماس وحزب الله مرتبطة بواقع المفاوضات الإيرانية الأمريكية.

3/4 

يبدو أن نوعية العلاقة غير المفهومة التي تجمع إيران مع الحوثيين ومع حركة حماس ومع حزب الله تمنع هذه الأطراف الثلاثة من التمرد على أي قرار إيراني يوجه لهم. نعم، إن الرئيس الأمريكي يهدد إيران في تصريحاته الإعلامية، ونعم أن إيران ترد بتصريحات مماثلة. لكن من ناحية فعلية غير معلنة، فإن إيران تقدم خدمات خاصة إلى أمريكا لتحسين شروط التفاوض معها. ذلك أن إيران تريد تجنب وقوع الخيار السيئ، وهو فرض عقوبات اقتصادية أخرى إضافية عليها. كما أنها تسعى في ذات الاتجاه نحو تجنب وقوع الخيار الأكثر سوءًا، وهو أن يتم ضرب بنيتها التحتية بما يخص مشروعها النووي.

4/4 

ختامًا، وكما هو معلوم، فإن الطرف الأقوى هو من يتحكم في إيقاع المفاوضات، ذلك أن خياراته كثيرة، وأقصد أمريكا. أما الطرف الأضعف، فهو يناور عبر سياسة شراء المزيد من الوقت مع تقديم تنازلات تدريجية تصاعدية كي يخرج بنتيجة معقولة وأقصد إيران . من هنا، فربما يكون التنازل الأخير الذي تقدمه إيران إذا حصلت على جزء مما تريد هو التخلي عن أنصار الله في اليمن والتخلي عن حركة حماس والتخلي عن حزب الله في لبنان. في انتظار قادم الأيام كي نرى مدى صحة هذا التحليل؟
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير