موقف غريب وغير متوقع ساهم في قلب كافة التحليلات السياسية . سببه البيان الصادر عن حزب جبهة العمل الإسلامي مساء أمس من مضمون التقرير الذي صدر عن الموقع البريطاني الذي شكّك في إدارة الأردن للمساعدات المقدمة لأهالي غزة، سواء التي تمت عبر المسار البري أو التي تمت عبر المسار الجوي. موقف الحزب جاء في حالة تعارض مع الفكرة الرئيسية التي قامت عليها مواقف كثير من الأحزاب والمؤسسات والشخصيات العامة. كل هؤلاء بنوا موقفهم في الرد على تقرير الموقع البريطاني على فكرة أن هذا التقرير يأتي كردة فعل من إخوان الخارج تجاه الأردن ردًا على حظر جماعة الإخوان المسلمين.خاصة أن التقرير جاء بعد أسبوعين من قرار الأردن بحظر جماعة الإخوان المسلمين الذي تم في الثالث والعشرين من الشهر الماضي. عزز تلك الفكرة التي قامت عليها تلك الردود نقطتين اثنتين. الأولى أن وسائل الإعلام الأردنية حددت الهوية السياسية للموقع مع تكبير الضوء على مديره التنفيذي من حيث انتمائه السياسي من حيث أنه حمساوي وإخواني. أما النقطة الثانية فهو الصمت المؤقت من حزب جبهة العمل الإسلامي وعدم إدانته لهذا التقرير. مما عزز القناعة التي انتشرت لدى عموم الرأي العام أننا نهاجم من الإخوان في الخارج لأننا قمنا بحظر إخوان الداخل؟
2/3
المفاجأة غير المتوقعة، كما أشرنا أعلاه، جاءت عندما صدر بيان حزب جبهة العمل الإسلامي الذي قلب الطاولة رأسًا على عقب. بيان الحزب أدان تقرير الموقع البريطاني مع إشادته بالجهود الإغاثية الأردنية. مع ضرورة الإشارة هنا إلى تصريح النائب( نور أبو غوش) الذي سبق بيان الحزب ومهد له ضمن سياسة تبادل الأدوار التي يتقنها نواب الحزب بامتياز . في تفسير تلك المفاجأة السياسية أقول إن موقف الحزب يمثل أعلى درجات المرونة والانحناء السياسي في هذه المرحلة. المؤكد أن الحزب أدرك أن عدم إدانته لتقرير الموقع البريطاني، مع أنه من ذات الاتجاه الفكري والسياسي لهم، أن ذلك يمهد الطريق أمام ضربة قاسية لهم. لا يوجد تفسير آخر.
3/3
ختامًا، نتيجة لنشر هذا التقرير البريطاني، فقد ربحت الدولة ثلاثة مرات. الأولى عندما أصدرت مختلف الفعاليات بيان إدانة لهذا التقرير. أما المرة الثانية فهو إصدار لجان المخيمات الفلسطينية ذات الإدانة. أما الثالثة فهي إجبار سياسي لحزب جبهة العمل الإسلامي أن يدين التقرير البريطاني وأن يشهد ويشيد بالجهود الأردنية، على الرغم من أن التقرير جاء ردة فعل على قرار الأردن بحظر جماعة الإخوان المسلمين. مما يؤكد أن الدولة العميقة في أعلى درجات قوتها؟