إن المشهد الأكثر اقلاقاً لما شهدناه من الحدث الذي هز الشارع الاردني على الايام الماضية وسيقى في الايام القادمة ولو لفترة قصيرة، هو الولاء والانتماء، بالرغم من تداول هذين المفهومين او الصفتين في كل مسارات حياتنا كجزء لا يتجزأ في التربية، فهم اصل التربية في هذا البلد الكريم، الا أنه اليوم يستدعي تسليط الضوء بدرجه عالية على الولاء والانتماء.
ولا ينفصل الولاء والانتماء ولا يتجزأ، حب واحترام الملك، حب الوطن واحترام مؤسساته وحب المواطن وقد تكون مسارات الحياة في الوطن متباينة ومتفاوته واحيانا مختلفة واحيانا متنافرة الا ان شتى انواع المسارات منصهرة وممتزجة في نسيج واحد، قد يكون احد خيوطه بالية واخرى جديدة وقد تكون ممزقة واخرى متلاصقة، وقد تكون قبيحة واخرى جميلة الا انها متصلة بخيط رفيع متين وان نكاد لا نراه.
بما يجعل الوطن الاول والاخر، هو الحاضن للاحزاب والنقابات والنجاحات والاخفاقات والمصائب والافراح هو نحن ونحن هو، فالولاء للوطن يأتي قبل الولاء للحزب بل هو القاعدة والاساس، ومن هنا يبدأ الاحترام لمؤسسات الدولة وهياكلها دون اي ارتداد سياسي، اما وان كما توضح من خلال الحدث الاخير بأن يكون الولاء للحزب هو القاعدة والنسيج وهو الحدود التي يرسمحها ويخطها الحزب لأفراده، فهذا هو الانعطاف بكامل الرغبة والارادة الى درب مختلف عن درب الوطن.
رغم عدم صدور الاحكام وعدم المامنا بالعديد من التفاصيل ولكن بالاكتفاء برؤوس الاقلام، وببراعة القوى الامنية التي حفظت سلامة مواطنيها وحولت المأساة الى محاولة فاشلة بالمساس بهيبة الدولة واسقاط مسؤولياتها تجاه مواطنيها.
قد تكون هذه الايام هى بداية نهاية حزب استطاع لفترة طويلة ان يكون الاول، مارس سلطته لفرض سيطرته وبقناعاته، عراقته اعطته سلطة نوعية وان كان الفضل الكبير في اكتسابه لتلك العراقة التي اساء استغلالها اسوء استغلال يعود الى عراقة النظام الاردني وديموقراطيته.
بداية النهاية لاستغلال الديموقراطية، مقرراً التواري بكتمان في الساحة السياسية باختياره وتكوينه لمجتمع جماعي لا جدال فيه ولا اعتراض فيه، وغير قابل للنقض كنوع من انواع التفاهم على الرفض المؤدب، وقد نكون في نظره اناسا محكوما عليهم بالموت مع تأجيل التنفيذ.
هذا السقوط المدوي، الذي افرح العديد وطمأن الجميع بأننا في احضان ملك كريم واجهزة امنية مخلصة أمينة على أمننا وسلامتنا، له ارتجاجات كبيرة ليس فقط على العمل الحزبي، بل ايضا اوضحت لنا ضرورة القيام بحملات تطعيم حضاري وتثبيت القيم التي صنعت مجدنا ليس فقط لنا بل للذين سيأتون بعدنا يوماً ما، ليس لاننا ضعفاء الانفس بل لاجل الحفاظ على نسيجنا الوطني وحماية أبنائنا.