اولا : جناحان داخل الإخوان المسلمين . هما الصقور و الحمائم.
قبل ما يزيد عن عشرين عامًا، كانت حركة حماس تتحكم في اختيار من يكون في المواقع القيادية داخل جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، وكذلك من يكون في المواقع القيادية داخل حزب جبهة العمل الإسلامي. أدى ذلك إلى إنتاج ثنائية داخل الإخوان وداخل الحزب، وهي ثنائية الحمائم والصقور. كان الصقور هم الأقرب إلى حماس، فيما كان الحمائم هم الأقرب إلى الأردن. كان التفكير داخل عقلية الصقور مماثلًا لطريقة التفكير داخل حماس، من حيث نظرة حماس إلى السلطة الوطنية الفلسطينية وامتدادًا لذلك كان الصقور يتبعون ذات النظرة إلى العاصمة عمان. أما الحمائم فكانوا الأكثر اعتدالًا داخل الجماعة والحزب تجاه التعامل مع الدولة الأردنية.من الأمثلة على ذلك أنه في العام 2007م، وعندما فازت حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، وكرد فعل على ذلك، قال أحد قيادات الإخوان من الجناح الحمساوي: "نحن جاهزون لاستلام الحكم في الأردن". تجدر الإشارة هنا إلى أنه، وربما و بدرجة من الصحة، فإن الجذور الاجتماعية لأعضاء الجماعة والحزب تلعب دورًا مؤثرًا في تحديد ما إذا كانوا من الحمائم أو من الصقور.
ثانيا : رفض الإخوان تصريحات وزير الإعلام واعترافات المتهمين .
في التوقف على تصريح وزير الإعلام مساء أمس، فقد جاء في نقطتين اثنتين. الأولى أن المتهمين لهم انتماءات سياسية إلى جماعة محظورة ومنحلة بموجب أحكام القانون، وأنها كما وصفها "تنظيم ظلامي". أما النقطة الثانية في حديثه فهي التهم الموجهة إليهم، وهي تصنيع الصواريخ والطائرات المسيرة وحيازة أسلحة ومتفجرات، مؤكدًا أن الصواريخ المصنعة تستهدف الأمن الداخلي، حيث إن مدى الانطلاق لهذه الصواريخ يصل إلى خمسة كيلومترات. تأكيدًا لحديثه، جاءت الاعترافات المسجلة من عدد من المتهمين الذين قالوا إنهم من جماعة الإخوان المسلمين، وأن بعضهم عضو في الجماعة والحزب معًا، وكذلك ذهاب بعضهم إلى لبنان للتدريب وتلقي أموال من شخص ينتسب إلى جماعة الإخوان المسلمين.
انتقل الى التوقف على ردة الفعل تجاه تصريحات وزير الإعلام ثم الاعترافات المتلفزة من المتهمين، فقد أصدرت جماعة الإخوان المسلمين بيانًا أكدت فيه أن هذه التهم وهذه الاعترافات هي أعمال فردية لا تعكس توجهات الجماعة. هنا، حينما انتهيت من قراءة البيان الصادر عنهم، تذكرت حادثة قريبة منذ شهور عندما قام اثنان من شباب جماعة الإخوان المسلمين بعبور الحدود لتنفيذ عملية استشهادية ضد جنود إسرائيليين، لكنهما قتلا. في ذلك الوقت، باركت الجماعة العملية، كما أنها أعلنت أن الشابان هما من أعضاء الجماعة. في موقف مماثل، بارك حزب جبهة العمل الإسلامي العملية، لكن مع تأكيده أنهما ليسا عضوين في حزب جبهة العمل الإسلامي، مما يعني أن الصقور هم في الإخوان عمومًا، وقلة منهم في الحزب، بينما الحمائم هم في الإخوان وفي الحزب.
ثالثا : هجمهة سياسة و شعبية على الجماعة و الحزب .
على الجهة المقابلة، وأتحدث هنا عن معارضي الإخوان المسلمين وجبهة العمل الإسلامي، فقد قاموا بنشاط إعلامي ضخم تركز على الربط بين المتهمين وبين جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي، من خلال نشر صور لخمسة من المتهمين ضمن الحملة الإعلامية المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين على خلفية المشاركة في دعم غزة، حيث تم أخذ الصورة من الموقع الرسمي لحزب جبهة العمل الإسلامي.في ذات الاتجاه المعارض لجماعة الإخوان والحزب وجبهة العمل الإسلامي، توالت البيانات من الأحزاب والكتل النيابية - باستثناء كتلة جبهة العمل الإسلامي - والعشائر في إدانة ما يتم التخطيط له من المتهمين، مع الاعتزاز بجهود الأجهزة الأمنية وتحديدًا دائرة المخابرات العامة، مع المطالبة بحل الحزب وتفعيل قرار حل الجماعة الذي صدر قبل سنوات.
رابعا : أحداث غزة أبرزت الجناح الحمساوي داخل الإخوان .
نحو مزيد من عمق التحليل الاجتماعي السياسي لما تم البارحة، أشير إلى أنه ونتيجة لتعدد الأجنحة داخل جماعة الإخوان المسلمين. فأن الظروف الإقليمية تلعب دورها في بروز جناح أو اختفاء جناح داخل جماعة الإخوان المسلمين. بكل تأكيد، أن الثمانية عشر شهرًا الماضية نتيجة لطوفان الأقصى ثم المأساة الإنسانية التي ما تزال تحدث في غزة، فإنها أبرزت الجناح الحمساوي داخل الجماعة، والذي أنتج هتافات المبايعة لعدد من قادة حماس في المسيرات، وهو الذي أسس لمحاولات التسلسل عبر النهر أو محاولة التصنيع العسكري من صواريخ أو مسيرات. مع التأكيد على أن الجناح المعتدل داخل جماعة الإخوان المسلمين قد فقد السيطرة على الجناح الصقوري الذي هو الجناح الحمساوي، إضافة إلى ذلك فأن تحذيرات الدولة المتكررة لم تجدي نفعًا، فكانت النتيجة كل ما كتب أعلاه.
خامسا : حل البرلمان أو تجميده لفترة .ابرز التداعيات السياسة ؟
ختامًا، أسئلة كثيرة يجب طرحها بعد كل تلك الاعترافات المتلفزة من المتهمين. ما هي تداعيات ذلك سياسيًا؟ هل الضحية هي الجماعة أو الحزب أو كلاهما معًا؟ هل سيتم حل البرلمان من أجل التخلص من نواب حزب جبهة العمل الإسلامي؟ هل سيتم تقليل أو إيقاف جلسات المجلس إلى حين انتهاء موعد الدورة الحالية في الشهر القادم، يلي ذلك عدم دعوة المجلس إلى الاجتماع في دورة استثنائية من أجل أخذ الوقت الكافي نحو اتخاذ قرار بحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة أو تجميده سياسيًا حتى شهر تشرين الأول القادم كي يدخل في دورته البرلمانية الثانية؟