متعب باشا الزبن ... قائد عسكري ورمز وطني في تاريخ الأردن

كتب: الصحفي ليث الفراية 

يُعد الفريق الركن متعب باشا الزبن واحدًا من أبرز القادة العسكريين في تاريخ الأردن الحديث، حيث سطّر اسمه بحروفٍ من ذهب في مسيرة القوات المسلحة الأردنية. بحنكته العسكرية ورؤيته الاستراتيجية، ساهم في تطوير الجيش الأردني وتعزيز قدراته الدفاعية، مما جعل منه شخصية وطنية تحظى بالاحترام والتقدير على المستويين المحلي والدولي. لم يكن مجرد قائد عسكري، بل كان رجل دولة امتلك الحكمة والشجاعة في اتخاذ القرارات المصيرية التي أسهمت في حماية استقرار الأردن وتعزيز أمنه. 

وُلد متعب باشا الزبن في بيئة تحترم القيم العسكرية والانتماء الوطني، وترعرع على مبادئ الانضباط والتضحية في سبيل الوطن. التحق بالقوات المسلحة الأردنية في سن مبكرة، حيث برز بفضل ذكائه الحاد وكفاءته القيادية، مما مكّنه من شغل مناصب قيادية متقدمة في الجيش الأردني.

تميز الزبن بمسيرة مهنية حافلة بالإنجازات، حيث تدرج في الرتب العسكرية حتى وصل إلى أعلى المناصب، ليصبح نائباً لرئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأردنية. وخلال خدمته، لعب دورًا بارزًا في تحديث المنظومة العسكرية الأردنية، مما عزز من جاهزية الجيش الأردني وجعله أحد أكثر الجيوش كفاءةً في المنطقة.

خلال مسيرته المهنية، عمل متعب باشا الزبن على تحديث القوات المسلحة الأردنية من خلال إدخال أحدث التقنيات والأسلحة، ما ساعد في رفع مستوى الجاهزية العسكرية. كما كان له دور رئيسي في تعزيز التعاون العسكري بين الأردن والدول الحليفة، مما أسهم في رفع مستوى الاحترافية داخل الجيش.

لم يقتصر دوره على المجال العسكري فقط، بل كان له تأثير كبير في تطوير برامج التدريب والتأهيل لضباط وأفراد القوات المسلحة، حيث ساعد على رفع كفاءة الأداء العسكري وتحقيق مستويات عالية من الجهوزية والاستعداد. كذلك، شارك في وضع الخطط الدفاعية التي ساعدت في الحفاظ على استقرار الأردن وسط التحديات الإقليمية المتزايدة.

إضافة إلى ذلك، شغل متعب باشا الزبن منصب مدير عام الجمارك الأردنية، حيث ساهم في تطوير العمل الجمركي وتعزيز الرقابة على الحدود. كان لهذا الدور أثر كبير في حماية الاقتصاد الوطني والحد من عمليات التهريب، مما عزز من دور الجمارك في دعم الاستقرار الاقتصادي والأمني للبلاد كما تولى منصب نائب رئيس المنظمة الجمركية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث كان له دور فاعل في تنسيق الجهود الجمركية بين الدول وتعزيز التعاون الإقليمي في هذا المجال.

لم تقتصر مناصبه على العمل العسكري والإداري فقط، بل شغل أيضًا منصب سفير الأردن في سلطنة عُمان، حيث مثّل المملكة بحنكة ودبلوماسية، وساهم في تعزيز العلاقات الثنائية بين الأردن وسلطنة عُمان على مختلف الأصعدة.

كان متعب باشا الزبن معروفًا بولائه المطلق للقيادة الهاشمية، حيث كان من أقرب المستشارين العسكريين لجلالة الملك عبد الله الثاني. امتلك رؤية استراتيجية ساعدت في الحفاظ على أمن الأردن، وخاصة في ظل الأوضاع السياسية غير المستقرة التي مرت بها المنطقة في العقود الأخيرة.

بفضل حكمته وحنكته العسكرية، تمكن من إدارة الأزمات العسكرية بفعالية، وكان له دور بارز في تطوير الخطط الأمنية التي عززت من استقرار البلاد. فقد كان دائمًا في مقدمة من يسعون للحفاظ على استقرار الأردن، مستندًا إلى خبرته الطويلة في المجالين العسكري والإداري.

نظرًا لعطائه الكبير، حظي الزبن بتكريم واسع من قبل القيادة الأردنية، حيث نال العديد من الأوسمة العسكرية تقديرًا لجهوده في خدمة الوطن. كما حظي باحترام كبير داخل الأردن وخارجه، نظرًا لدوره الفاعل في تعزيز التعاون العسكري بين الأردن والدول الشقيقة والصديقة.

لم تقتصر مساهمة متعب باشا الزبن على المجال العسكري فحسب، بل كان أيضًا نموذجًا يُحتذى به في الالتزام والانضباط وخدمة الوطن بإخلاص. فقد أثر في العديد من الضباط والجنود الذين تعلموا منه قيم الوفاء والتفاني في الدفاع عن الوطن.

إن إرثه في بناء مؤسسة عسكرية قوية سيظل محفورًا في تاريخ الأردن الحديث، حيث ساهم في بناء جيش قوي يتمتع بقدرات دفاعية عالية.

يظل الفريق الركن متعب باشا الزبن نموذجًا مشرفًا للقائد العسكري الذي كرس حياته لحماية الوطن وخدمة شعبه بإخلاص. لقد كان رجلًا جمع بين الشجاعة، والحكمة، والقدرة على اتخاذ القرارات الصائبة في الأوقات الحرجة. إن مساهماته في تطوير القوات المسلحة الأردنية وإدارة الجمارك ستظل راسخة في ذاكرة الوطن، وستبقى إنجازاته منارة تضيء الطريق للأجيال القادمة من القادة العسكريين والإداريين. فبفضل قادته المخلصين، يبقى الأردن حصنًا منيعًا في وجه التحديات، ومثالًا في الاستقرار والقوة العسكرية والإدارية.