النسخة الكاملة

اشتراط تصوير الفقراء وهم يتسلمون طرود الخير.. هذا ما يحدث؟

الأحد-2025-03-27 11:20 pm
جفرا نيوز -
كتب: محمود كريشان

للاسف الشديد تحول العمل الخيري لدى البعض الى إستعراض ومجرد دعاية، ولو كان ذلك على حساب الفقراء وخدش مشاعرعم من خلال إلتقاط الصور التذكارية للبعض الذين يقال ربطوا خيرهم بإستعراض بصمات خيرهم المزعومة.. ولا ندري كيف يسمح المُحسن لضميره ومشاعره ان يخدش مشاعر الفقراء باشتراط إلتقاط صور لهم وهو يوزع الطرود عليهم، وقد إدعى الطيبة والبراءة في ملامحه ليتم نشر الصور في وسائل الإعلام لإذاعة خبر وصور إحسانه المفترض!..

انها ظواهر شوهت مفهوم العمل الخيري وأهدافه وغاياته، جراء سلوكيات وتصرفات لم ترتقِ إلى الحكمة من البر والإحسان، بل تتعاكس معها، وهو إنحراف كبير في المفاهيم الحق تشوها كبيرا في مقاصد العبادات، مما يخالف تعاليم الإسلام الحنيف، فبعض الصدقات ممثلة بطرود الخير وموائد الرحمن تحولت إلى إعلانات تجارية، يجري تصويرها ونشرها على نطاق واسع، كما صارت الطرود والموائد وسيلة من وسائل الدعاية، ومظهراً من مظاهر الرياء الاجتماعي، الذي يحمل الكثير من المن والأذى الذي يلحق بالفقراء والمساكين!

وعلى صلة.. مواطنون اكدوا ان بعض الأعطيات التي تقدم للمعوزين تشترط تصوير المحتاجين أثناء قيام المتبرعين بتوزيع المساعدات عليهم مستهجنين هذا التصرف من قبل البعض، مؤكدين ان عمل الخير لا يتطلب البهرجة أمام الكاميرات والإستعراض بقيامهم بأعمال خيرية.. كان الأجدر بها ان تحاط بسرية تامة منعا لـ»خدش حياء» بعض الأسر المتعففة، والتي لا تقبل ان يتم تصويرها ونشر صورها مقابل تلقي بعض المساعدات التي هم أصلا بحاجة لها، منتقدين الضجة الإعلامية التي تقوم بها بعض الشركات والهيئات والأشخاص، مشيرين الى ان هذا الأمر ينطوي تحت باب الترويج والمباهاة والإستعراض ولا يمت لعمل الخير بأي صلة، لا سيما وان الطرود تحمل معها إهدارا صارخا لكرامة الفقراء والمحتاجين..!

وهنا.. علينا ان لا ننسى ان إراقة ماء وجوه الفقراء وكسر الحواجز لديهم من خلال أساليب استعراضية في تقديم المساعدات ثمن كبير ندفعه من قيمنا، فمن كان ان يقدم شيئا لوجه الله فان الله تعالى سميع بصير دون الحاجة الى تقارير إعلامية او سهرات على فضائيات أبطالها المحتاج ومعاناته وفقره وصور البيت البائس الذي يسكنه ووجوه أطفاله!.. يمكننا ان نقدم للمحتاج وان نخفف فقره دون ثمن كرامته، وهناك الكثير من الخيرين الذين يقدمون دون ضجيج او اذى ومنّ.. فالخير له أساليبه وأخلاقياته التي أرادها الله تعالى وطلبها من فاعلي الخير.

ختاما.. علينا ان نعلم انه ومن فضل الله تعالى ان جعل للصدقة والزكاة ولكل عمل خير قواعد وأخلاقيات وأول هذه الأمور ان تكون النية خالصة لوجه الله تعالى، وان هذا الخير يجب ان لا يمس كرامة الفقير، سواء من خلال المن والاذى ممن يقدم الخير او من خلال تحويله الى وسيلة إظهار كرم وتقوى من يقدم، وهذا يكون من خلال إستعراض أو من خلال تحويل عملية الصدقة الى مادة إعلامية يشاهد الناس فيها من ياكل وجبات الخير أو من يتسلم كرتونة مساعدات أو من يقدم له المحسنون وجبة طعام او مجموعة ملابس قبل ان يقيسها ويعرف ان كانت مناسبه له!

مجمل القول: عمل الخير هو كل فعل يصدر من الفرد بهدف إسعاد الآخرين ومساعدتهم دون إنتظار أي رد أو مكسب مادي أو كلمات شكر عما فعله من أعمال خير، فعمل الخير من أحب الأعمال التي تقرّبنا إلى الله سبحانه وتعالى وقد حثنا سبحانه على فعل الخير بسرية ووعد فاعل الخير بثواب عظيم ومنزلة عظيمه في جناته.. ورمضان كريم!
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير