يعدّ النقد البناء وسيلة ضرورية لتصحيح المسار وتحقيق التطور، لكن عندما يتحول إلى تصيّد للأخطاء بهدف التشويه والإثارة، يصبح أداة هدامة تهدد استقرار المجتمعات. فبدلًا من أن يكون النقد وسيلة للإصلاح، يتحول إلى سلاح يستخدمه البعض لنشر الفوضى وزرع الفتنة، سواء بين الأفراد أو داخل المؤسسات.
تصيّد الأخطاء يقوم على التركيز المبالغ فيه على الهفوات والزلات، دون مراعاة للسياق أو النوايا الحقيقية. في كثير من الأحيان، لا يكون الهدف هو التصحيح أو التحسين، بل التشويه والإساءة. وقد يُستخدم هذا الأسلوب في مختلف المجالات، سواء في السياسة أو الإعلام أو حتى في الحياة اليومية، حيث يتم تضخيم الأخطاء وإخراجها من سياقها لخلق صورة مشوهة عن المستهدفين.
تختلف دوافع تصيّد الأخطاء بين الرغبة في تصفية الحسابات الشخصية، والسعي لتحقيق مصالح خاصة، أو حتى إثارة الفوضى وزعزعة الثقة في جهات معينة. وقد تلعب وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي دورًا كبيرًا في تعزيز هذه الظاهرة، حيث يتم تداول الأخبار والمعلومات بشكل سريع دون التحقق من صحتها، مما يؤدي إلى انتشار الشائعات وتأجيج الفتن.
من أخطر نتائج تصيّد الأخطاء أنه يعمّق الانقسامات داخل المجتمع، ويخلق بيئة يسودها عدم الثقة والخوف من الوقوع في الخطأ، مما يؤدي إلى تراجع روح المبادرة والإبداع. كما أنه قد يساهم في تعطيل مسيرة الإصلاح، حيث ينشغل الأفراد والمؤسسات بالدفاع عن أنفسهم بدلًا من التركيز على التطوير والعمل الجاد.
لمواجهة هذه الظاهرة، من الضروري تعزيز ثقافة النقد البناء القائم على الموضوعية والاحترام، بدلاً من البحث عن الزلات وتضخيمها. كما أن الوعي المجتمعي بأهمية التحقق من المعلومات وعدم الانجراف وراء الأخبار المغلوطة، يسهم في الحد من تأثير هذه السلوكيات الهدامة. فالخلافات والاختلافات طبيعية في أي مجتمع، لكن عندما يُستغل تصيّد الأخطاء لإثارة الفتنة، يصبح الأمر خطرًا يهدد التماسك الاجتماعي والاستقرار العام.