النسخة الكاملة

سواليف حصيدة

الإثنين-2025-02-10 12:59 pm
جفرا نيوز -

 جهاد المنسي
دائما كان يُقال عن الكلام الفارغ بأنه (سواليف حصيدة)، والحصيدة يا سادة، هي ما يقوم به الفلاح أثناء حصد سنابل القمح والشعير بالمنجل، وأحيانا حبوب العدس بخلع نبته باليد، وتتم الحصيدة عادة في فصل الصيف الحار، عندما تجف السنابل فتصبح صفراء ذهبية جافة من حرِّ الشمس.


وقتذاك كان الرجال في موسم الحصاد يستعينون على صعوبة عملهم تحت الشمس الحارة بالمواويل والأهازيج حينا، وغالبا بالقصص والحكايات الخرافية لتعينهم على العمل، تلك الروايات والقصص والحكايا يكون هدفها قضاء وقت الحصاد الطويل دون ملل، وغالبا ما تكون تلك القصص دون فائدة، وخرافية أو تأليف اللحظة، كحلم يراود الحصاد ليلا، فتكون السواليف أو الحكايات دون مرجعية أو دليل، فلذلك تسمى (سواليف حصيدة) أي كلاما وحكيا فاضيا فارغا، فتدخل في باب الثرثرة، وتمضية الوقت.

عند الحصاد يمكن للحاصد أن يؤلف فيلما دراميا للترويج عن نفسه، وتسلية السامعين، وليس هذا فقط وإنما يمكن للفلاح من شدة تعبه والحر الشديد جراء الشمس الحارقة أن يؤلف ويروي حكايا ليست حقيقية، وفي بعض الأوقات تكون تلك الحكايات لها نهايات وبعضها دون نهاية، ليس لها معنى ولا تنفع المتلقي في حياته؛ لذلك أطلق على تلك الحكايا أنها (سواليف حصيدة)، وغالبا تكون تلك السواليف وهمية لا أساس لها إلا في عقل الراوي فقط.
عمليا، هذا هو أصل المثل الشعبي (سواليف حصيدة)، وأيضاً شرح واف عن سببه، والآن ترى كم من سواليف الحصيدة التي سمعناها مؤخرا، ولعل أهمها وأبرزها القول بإجبار الفلسطينيين مغادرة أرضهم وتهجيرهم بالقوة، ولعل ذاك هو أبرز ما يمكن أن يطلق عليه سواليف حصيدة، فتلك حكايات وروايات تعيدنا لتلك السواليف الوهمية التي لا أصل لها إلا في عقل أصحابها فقط، والأنكى أن أولئك الذين يتحدثون بذاك الوهم لا يعرفون أنه من المستحيل تحقيقها، ويمكن إضافتها لقائمة المستحيلات الثلاث وهي (الغول والعنقاء والخل الوفي) ليضاف إليها مستحيل آخر وهو إخراج أصحاب الأرض من أرضهم وإحلال بديل لهم، وتوزيع أصحاب الأرض على دول مختلفة.
خلال 471 يوما من العدوان الهمجي الإسرائيلي على قطاع غزة، وعمليات الإبادة الجماعية التي قامت بها تل أبيب تجاه أهل القطاع وسكانه، ومحاولات التهجير التي نفذت؛ إلا أن أهل غزة صمدوا على أرضهم باتوا في العراء، رفضوا الخروج من أرضهم، تلقوا الرصاص الصهيوني بأجسادهم العارية، تجمدوا من البرد واستشهدوا، ضحوا بأطفالهن ورجالهم دون الخروج من أرضهم، هدمت على رؤوسهم المباني والمستشفيات والمدارس ودور الإيواء، وصمدوا.
اليوم، بعد أن هدأت الحرب قليلا، وبعد هذا الصمود الطويل والمعاناة والدمار والصبر، وبعد أكثر من 55 ألف شهيد و100 ألف جريح، يطل علينا من يعتقد أن الأرض يمكن ت
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير