النسخة الكاملة

السعودية ومفترق العرب: صرخة الحسم في وجه الأوهام

الإثنين-2025-02-10 12:56 pm
جفرا نيوز -
كتب - يحيى الحموري 

في زمن تكشفت فيه الحقائق وسقطت الأقنعة، يأتي الموقف السعودي ليضيء درباً من الوضوح والحزم، مُبدّداً أوهام المستعمرين الجدد ومشاريعهم الهلامية التي تحاول العبث بالحق الفلسطيني المقدس. 

وحين تصدر المواقف المدوية، تهتز أركان الباطل وتنكشف هشاشته. هكذا جاء البيان السعودي، صاعقاً، قاطعاً، لا لبس فيه ولا مواربة، ينسف محاولات العبث بالحق الفلسطيني، ويفضح أوهام المستعمرين الجدد الذين يظنون أن الخرائط تُرسم بالاستعلاء، والتاريخ يُزوَّر بسطوة القوة.

لم يكن هذا الموقف السعودي إلا امتداداً لرسوخٍ تاريخي وعقيدةٍ سياسية ثابتة، تؤكد أن فلسطين ليست ورقةً تفاوضية، بل أرضٌ عربية مقدسة، وحقٌ لا يقبل القسمة، وقضيةٌ محفورة في الوجدان العربي والإسلامي. أرادوا القفز على الثوابت، فجاء الرد السعودي كالسيف، لا يلين ولا يهادن، يضع النقاط على الحروف، ويفتح صفحة جديدة من الصراع عنوانها: لا مساومة، لا تهاون، ولا خضوع للغطرسة.

وعلى ضوء هذا الموقف الحاسم، يقف العرب عند لحظة تاريخية فاصلة؛ فإما أن يكون اجتماع الجامعة العربية نهاية الشهر الجاري محطةً لتوحيد الصف واستعادة الهيبة، أو أن يبقى الدور العربي مرهوناً بعبث التناقضات وهشاشة التفرقة. الفرصة اليوم مواتية أكثر من أي وقت مضى لكسر معادلة الخضوع التي أضعفت الأمة لعقود، وإثبات أن الكيان العربي، حين يجتمع على كلمةٍ واحدة، قادرٌ على قلب الطاولة وإعادة ترتيب المعادلات الدولية.

إن القوة ليست شعاراً، بل حقيقةٌ متاحة لمن امتلك الجرأة لاستغلالها. والعرب اليوم ليسوا بلا أوراق؛ فالموقع الاستراتيجي، والثروات الهائلة، والثقل الحضاري والتاريخي، كلها أدوات قادرة على فرض المعادلات، إذا تخلصت الأمة من عقدة الهامشية، ووعت أن زمن الاستعلاء الغربي قد تآكل، وأن الإرادة الموحدة وحدها هي التي تصنع التاريخ.

ولم يعد الرأي العام العربي كما كان، ولم يعد بإمكان أحدٍ أن يبيع الأوهام لجيلٍ استيقظ على الحقيقة. لم تعد فلسطين قضيةً نخبوية، بل باتت عنواناً لهوية أمة بأكملها، يدرك أبناؤها أن التخاذل السياسي لم يعد مقبولاً، وأن الزمن لا يرحم المترددين. هذه اليقظة الشعبية هي السلاح الأخطر، وهي المؤشر الذي يجب أن يقرأه القادة جيداً، لأن الجماهير لم تعد تكتفي بالتصريحات، بل تطالب بالمواقف، وتنتظر القرارات، ولن تقبل بأقل من موقفٍ عربيٍّ يليق بدماء الشهداء وتضحيات المقاومين.

لقد دقت ساعة الحقيقة، والأيام القادمة وحدها ستكشف: هل يكتب العرب فصلاً جديداً من الكبرياء، أم يتركون التاريخ يمضي دونهم؟

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير