النسخة الكاملة

نجاح الملك

الأحد-2025-02-09 02:20 pm
جفرا نيوز -
كتب / سالم فاهد اللوزي

ربما أنني واحد من الذين مارسوا السياسية  بالأردن في المملكة الثالثة بعهد المرحوم الملك حسين والمملكة الرابعة بعهد الملك عبدالله الثاني ولم أكن بالعهدين محسوب على السلطة لكنني كنت بكل تأكيد محسوب على الوطن

 ومن خلال قرأتي لكلا العهدين أكاد أجزم بأن خيارات الملك حسين كانت أكثر والهامش الذي يناور به اكبر مساحة مما هو متاح ومتوفر لعهد الملك عبدالله الثاني فبعهد الملك حسين وبالأخص اخر ثلاثة عقود كان هناك نوع من الإستقرار بالعالم العربي وبالتالي رخاء اقتصادي وهناك شبه توافق عربي على عدة قضايا وعلى أقل تقدير لم يكن هناك حروب استهدفت دول عربية وكانت فقط فلسطين محتلة ولم يكن هناك ربيع عربي ولاضغوط اقتصادية ولا نزاعات طائفية  وكان هذا يساعد على استقرار الأردن 
ولكن بعهد الملك عبدالله الثاني شهدت المنطقة والإقليم  مالم يحصل في الحرب العالمية الثانية ففي خلال خمسة وعشرون سنة تم احتلال العراق وربيع عربي شرذم ليبيا وضعضع مصر وأعاد تقسيم اليمن وشرذم سوريا وفقدنا عمقنا وتحولت الصراعات الطائفية نار تأكل بالهشيم حولنا وكان دائما الرهان على سقوط الأردن وبأن الدور قد وصلها ولكننا ننجو واستطاع الملك عبدالله ان يجعل الأردن يتعدى أهم المنعطفات التاريخية وأكثرها ضراوة وعادت المياه الراكدة تتحرك من جديد في السابع من أكتوبر سنة ٢٠٢٣ ليكشر الاحتلال الإسرائيلي عن انيابه ويجد ضالته ويبدأ بتنفيذ برنامجه الاستعماري التطهيري ويعلن عن نواياه إتجاه الأردن 
لكن الأردن صمد والملك امتص ردات الفعل المعاكسة واستطاع ان يدير المشهد بشقيه بالوقوف شخصيا مع كارثة أهالي غزة وباشرافه المباشر على المساعدات والجولات المكوكية ذات الطابع الدبلوماسي رغم ان هناك قوى أيضا داخلية حاولت شيطنة بلده ومؤسساته ألا انه صمد حتى أمام الحرب الإعلامية المسعورة التي استهدفته شخصيا وبقي يناور من هنا وهناك ضمن إمكانيات أكاد أجزم أنها الأقل منذ تأسيس المملكة ونجح وعادت الأمور لتضطرب من جديد من خلال تقدم الجمهوري "ترامب" في الانتخابات الأمريكية َوفوزه بها رئيساِ وماهو معروف عنه من تعاطف مع الاحتلال الإسرائيلي 

وكانت إحدى قرارته وقف المساعدات عن الأردن مما جعل الموقف يتعقد وبدأت التحليلات تذهب هنا وهناك ولكن بظرف بسيط وبتحركات كانت صامته بعيدة عن الاستعراض استطاع الملك بأن يوقع اتفاقية الشراكة الأردنية الأوربية ويحصل على مساعدات قيمتها ثلاثة مليارات مما أعطى دافع سياسي كبير للأردن وفتح خيار جديد تم صناعته وسط المستحيل قبل لقاء الرئيس الأمريكي وحتى يكون في جعبته أوراق يناور من خلالها من أجل بلده 
وللحقيقة والأمانة هذا يسجل للملك عبدالله الثاتي بجدارة ومع هذا وذاك مازلنا نأمل بالمزيد من الملك بأن يعيد صياغة الداخل الأردني ويستخدم أوراق تحرج اي طرف معادي للأردن وعلى رأسها الاحتلال الإسرائيلي من خلال إستخدام ورقة دسترة وفك الارتباط والمناورة بورقة حق العودة للاجئين والنازحين وكذلك فرض واجبات على رؤوس الأموال بأن يقدمو مساعدات عاجلة لأهالي أراضي ال٦٧ لتعزيز صمودهم لوقف الترانسفير والتمسك بأي إتفاق يحافظ على الأردن ويجنبه أي صدام عسكري بالوقت الراهن 
لأن الملك عبدالله الثاني اثبت أنه من دهاة السياسة وموقفه اليوم هو الأقوى رغم كل الظروف ووجود اليمين المتطرف بالسلطة بدولة الاحتلال وكذلك الإدارة الأمريكية الجديدة وهذا يتطلب ترتيبات جديدة في الشارع تتناغم وتدعم موقف الملك
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير