النسخة الكاملة

الأردن والأزمات: معادلة البقاء بين الأرقام والسرديات والمآلات

الإثنين-2025-02-03 11:05 am
جفرا نيوز -

د. عادل محمد الوهادنة

نقاط رئيسية:
•الأردن في مواجهة الأزمات: رغم التحديات الكبرى، حافظ الأردن على استقراره السياسي والاقتصادي مقارنة بدول أخرى.
•النمو السكاني واللجوء: ارتفع عدد السكان إلى أكثر من 11 مليونًا، منهم 3.3 مليون لاجئ، مما شكل ضغطًا على الموارد والبنية التحتية.
•إدارة الموارد النادرة: رغم محدودية الأراضي الزراعية (1.2% من المساحة الكلية) وشح المياه (أقل من 150 مترًا مكعبًا للفرد سنويًا)، تمكن الأردن من تحقيق استقرار نسبي.
•السرديات الثلاث في مواجهة الأزمات:
1.سردية الدولة الحامية: لم يشهد الأردن انهيارًا سياسيًا رغم وقوع أكثر من 15 نزاعًا مسلحًا حوله منذ 1948.
2.سردية التكيف الذكي: زادت كفاءة استخدام المياه بنسبة 30% بفضل مشاريع التحلية وإعادة التدوير.
3.سردية الصمود الشعبي: رغم تراجع متوسط الدخل الحقيقي بنسبة 14%، لم تصل المؤشرات الاقتصادية إلى مستويات الانهيار.
•الهاشميون والتنمية:
•ارتفع الناتج المحلي من 8.7 مليار دولار (1999) إلى أكثر من 50 مليار دولار حاليًا.
•المساعدات الخارجية لا تتجاوز 8-10% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعكس اعتماد الأردن على ذاته.
•التركيز على استثمار الموارد البشرية – "بترول الأردن” – عبر التحول الرقمي وريادة الأعمال، التي تنمو بنسبة 14% سنويًا.
•التحديات الاقتصادية المستقبلية:
•استمرار الدين العام بالنمو بنسبة 7% سنويًا يتطلب حلولًا اقتصادية قائمة على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
•ضرورة التحول من إدارة الأزمات إلى استباقها من خلال تحليل البيانات وصياغة استراتيجيات أكثر كفاءة.
•إعادة تعريف السرديات الأردنية: الحاجة إلى مقاربة جديدة تعتمد على الأرقام وليس فقط على الروايات التقليدية.

معادلة البقاء: الأرقام تتحدث

على مدار قرن، واجه الأردن تحديات كبرى لم تكن مجرد أزمات سياسية أو اقتصادية، بل تحولات فرضت نفسها على شكل الدولة والمجتمع. ومع ذلك، بقيت معظم التحليلات أسيرة السرديات، دون توثيق رقمي حقيقي لمدى تأثير هذه الأزمات أو كيفية تجاوزها.

منذ تأسيس الإمارة عام 1921، كان عدد السكان أقل من 400 ألف نسمة، واليوم يتجاوز 11 مليونًا، منهم أكثر من 3.3 مليون لاجئ. هذه الزيادة لم تكن مجرد نمو ديمغرافي، بل ضغطًا مستمرًا على الموارد والبنية التحتية، ومع ذلك، بقي الأردن ضمن أعلى 10 دول عالميًا في استضافة اللاجئين نسبة إلى عدد السكان، متفوقًا على دول تفوقه اقتصاديًا وعسكريًا.

اقتصاديًا، لم يكن الأردن يومًا دولة غنية بالموارد الطبيعية، حيث لا تتجاوز الأراضي الزراعية المنتجة 1.2% من المساحة الكلية، ومتوسط نصيب الفرد من المياه أقل من 150 مترًا مكعبًا سنويًا، وهو من أدنى المعدلات عالميًا. ورغم ذلك، استطاع الحفاظ على استقراره الاقتصادي، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي من 8.7 مليار دولار عام 1999 إلى أكثر من 50 مليار دولار حاليًا، معتمداً على استثمار الموارد البشرية والتحولات الاقتصادية القائمة على الابتكار.

الهاشميون ورؤية التنمية: الأرقام تروي القصة

عند استعراض تجارب الدول العربية في مواجهة الأزمات، يظهر أن الأردن تمكن من الحفاظ على استقراره رغم التحديات المتلاحقة. فبينما شكلت المساعدات الاقتصادية عاملًا داعمًا، إلا أنها لم تتجاوز 8-10% من الناتج المحلي، مما يعني أن الاعتماد الأساسي كان على الأداء الذاتي للاقتصاد الوطني.

تحولت السياسة الاقتصادية خلال العقود الأخيرة نحو رفع الإنتاجية الذاتية عبر استثمار "بترول الأردن” الحقيقي: الموارد البشرية. ومع وجود أكثر من 30 ألف خريج جامعي سنويًا، أصبحت الدولة أمام تحدٍ يتمثل في تحويل هذه الأعداد إلى قوة اقتصادية منتجة، بدلًا من أن تشكل عبئًا إضافيًا على سوق العمل.

اليوم، يتجه الأردن إلى التحول الرقمي وريادة الأعمال كوسيلة لتعزيز الاقتصاد، حيث تنمو الشركات الناشئة بنسبة 14% سنويًا، بينما أصبحت التكنولوجيا والتصنيع المتقدم من الحلول الرئيسية لضمان الاستدامة الاقتصادية، خصوصًا في ظل ارتفاع الدين العام بمعدل 7% سنويًا.

المآلات: إلى أين تتجه المعادلة الأردنية؟

المرحلة القادمة تتطلب إعادة تعريف معادلة الأردن وفق نهج رقمي أكثر شفافية وجرأة، مع سيناريوهات واضحة:
1.نموذج التكيف المستدام: حيث يتم تحويل البيانات إلى قرارات فعلية، مثل تسريع مشاريع التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي التي يمكنها تقليل البيروقراطية وزيادة كفاءة القطاع الصحي بنسبة 40%.
2.نموذج الركود المدروس: البقاء ضمن الحد الأدنى من الاستقرار دون قفزات نوعية، وهو سيناريو غير مستدام رقميًا في ظل نمو الدين العام.
3.نموذج المواجهة الرقمية: بناء استراتيجيات تعتمد على تحليل البيانات الفورية، بحيث تصبح الأزمات فرصة لتوليد حلول قائمة على الذكاء الاقتصادي وليس فقط ردود الفعل التقليدية.

خاتمة: إعادة تعريف السرديات الأردنية

ما لم يُكتب بعد هو تحليل رقمي شامل يقارن بين الأزمات التي واجهها الأردن وتجارب الدول الأخرى المشابهة. ما زلنا بحاجة إلى فهم أعمق لكيفية استثمار الأردن لبياناته بدلًا من استهلاكها نظريًا، وكيفية استباق الأزمات بدلًا من إدارتها بعد وقوعها.

ربما حان الوقت لإعادة تعريف المعادلة الأردنية… بلغة الأرقام، لا السرديات فقط.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير