جفرا نيوز -
جهاد المنسي
بات مشروع قانون الموازنة العامة للدولة عن السنة المالية 2025 في عهدة مجلس الأعيان بعد أن أقره مجلس النواب بأغلبية 90 نائبا، وهو مشروع القانون الأول الذي يتعين على مجلس الأعيان مناقشته وإقراره في الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة العشرين، كما أن الموازنة كانت المشروع الأول الذي ينهيه مجلس النواب الجديد.
النواب وخلال ثلاثة أيام ناقشوا مشروع القانون، تحدثوا، أثنوا، وانتقدوا، صوتوا، غاب بعضهم وحضر البعض الآخر، قدموا مداخلات وغاب آخرون عن منبر المجلس، حضرت الكتل فقدمت وجهات نظرها، ومقترحاتها وطرق معالجتها لقضايا اقتصادية مختلفة أبرزها العجز والمديونية، وفي نهاية المطاف جرى التصويت فعارض من عارض، وأيد من أيد.
خلال اليوم الثالث من المناقشات عقد المجلس أطول جلسة ربما في تاريخه مدتها 12 ساعة بالتمام والكمال، وفي نهايتها تم التصويت على مشروع القانون وتوصيات اللجنة المالية وتبني ما جاء فيها وإرسالها للحكومة، وتلك التوصيات الأصل ألا تقف عند إرسالها للحكومة وإنما يتوجب متابعتها ومتابعة إجراءات الحكومة عليها، ومعرفة ما سيتم تنفيذه أو ترحيله.
خلال الرد الحكومي على المداخلات النيابية، لم تلقِ الحكومة الضوء على المطالبات النيابية حول رفع الرواتب، وتحدثت عن قضايا أخرى، وربما ارتأت التريث قبل الحديث عنها، أو بعد أن يتم وضع رؤى واضحة لتحقيق ذلك إن كان لديها رغبة في رفع الرواتب عند إعداد الموازنة المقبلة.
مجلس النواب وبعد أن أنهى استحقاق الثقة ومن ثم الموازنة بات مطلوب منه وبشكل أوسع التداخل في قضايا اقتصادية ومطلبية واجتماعية تتعلق بالوطن والمواطن، وعدم الاتكاء على ما تقوم به الحكومة وإنما التداخل معها لحل قضايا عالقة كثيرة، منها قضايا سياسية تتعلق بالإقليم والجوار والحرب على قطاع غزة والضفة الغربية وما يحدث في سورية واليمن وغيرها، فضلا عن التطرف الإسرائيلي والتطاول بين فينة وأخرى على الأردن من خلال نشر خرائط مزورة تدلل على مطامع كامنة عند كيان الاحتلال بالتمدد في الإقليم.
مجلس النواب ليس مطلوبا منه الحضور في الموضوع السياسي فقط، فهناك قضايا اجتماعية وتنموية يتعين عليه أن يتقاطع معها، ويكون واقفا في المشهد، منها ما يتعلق بالطاقة والتنمية المستدامة والبطالة والفقر والامن الاجتماعي والوظيفي للناس، والأجور والتأمين الصحي والزراعة، ومشاكل المخدرات وتوسعها بين صفوف الشباب والتربية والتعليم المهني وغيرها من ملفات يتعين على النواب الحضور فيها والتداخل حولها، ومتابعة الحكومة بشأنها.
الدورة النيابية ما زالت في بداياتها، وأمام المجلس عمل كثير يمكنه من الحضور في المشهد، ولديه فسحة من الوقت ليبرهن للناخبين والمراقبين أن مرحلة الإصلاح حقيقية، وأن الأداء النيابي اختلف عن أداء المجلس السابق، والكتل النيابية حاضرة وجاهزة ولديها رغبة بالمشاركة في الإصلاح وإنجاح التجربة والبناء عليها.
ما أشرنا إليه لا يتم من خلال التمني والخطابات والشعارات فقط، فذاك يحتاج لكتل لديها قدرة ومكنة وبرامج ووجهات نظر في القضايا الملحة، وحلول مقترحة في قضايا مستعصية، ومتابعة الحكومة لتحقيق ما التزمت به تحت القبة سواء في خطاب الثقة أو الموازنة.
ولأن الهدف الرئيس هو رفع سوية الأداء النيابي وتجويده وإعادة الاعتبار لمؤسستنا التشريعية التي فقدت الكثير من حضورها، وأثر ذلك على إقبال الناخبين على صندوق الاقتراع، لذلك فإننا في هذا المشهد لا نحتاج لكتل ونواب يقفون لبعضهم البعض وكفى، ويتمترسون لإفشال وجهات نظر بعضهم، وإنما نحتاج لأفكار أوسع من ذلك وأشمل، وكتل نيابية حاضرة في المشهد النيابي، فذاك سيفقد النواب حضورهم، ونعود إلى مربعنا الأول، وسينطبق علينا المثل القائل كأنك يا أبو زيد ما غزيت.