النسخة الكاملة

هجرة العقول الأردنية والتنمية المستدامة

الأربعاء-2025-01-01 05:16 pm
جفرا نيوز -
سلطان نايف العدوان

شهدنا مؤخرًا نقاشات واسعة حول تفاوت الرواتب، بدءًا من تعيين مهندس في وزارة الاستثمار براتب ٤٠٠٠ دينار ، وصولًا إلى رفع الحد الأدنى للأجور إلى 290 دينارًا بموجب القرار رقم 15 لعام 2024.

هذه الأرقام أثارت جدلًا كبيرًا ليس فقط بسبب التفاوت، بل أيضًا نتيجة غياب معايير واضحة تُحدد الأجور بناءً على الأداء والمهارات والإنجازات.

بكل وضوح، المشكلة أعمق من مجرد أرقام وعدد أصفار!

فهي تكمن جذورها في الحاجة إلى وجود منظومة واضحة تُحدد قيمة الوظائف كما تُحدد أسعار الذهب أو الأسهم بناءً على العرض والطلب، كما نتابع عالميا نشرات دورية للاستدلال توثق الرواتب بشكل رسمي في الدول المتقدمة مع معدل الرواتب لكل فئة والقطاع والمخاطر المتربة على مستوى المنظومة ، فكيف لا تكون هذه السجلات موثقة بالأردن ومنها تصدر ابرز الكفاءات البشرية ؟

في العديد من الدول، نشهد توافقًا ما بين رواتب القطاع الخاص والعام للإسهام في التنمية ولذا
نحن بحاجة إلى إدارة موارد بشرية حديثة تُقيّم الكفاءات بناءً على نتائج ملموسة بدلاً من ترك الأمور بشكل غير محدد.
هجرة الكفاءات الأردنية ليست ظاهرة جديدة، لكنها باتت تُهدد التنمية الوطنية.

نجد العديد من الكفاءات الأردنية تُسهم في نجاح مشاريع بالدول المتقدمة، في حين تُعاني بيئة العمل المحلية من ضعف القدرة على استيعاب هذه المواهب وتقديرها.

هذا النقص في الفرص العادلة يدفع بالعقول المتميزة إلى الهجرة، مما يُفاقم التحديات التنموية .

ومع احترامي لكل ما قيل عن راتب المهندس ، وبدلاً من التركيز على الرواتب المتدنية كواقع، يجب أن نسعى لبناء منظومة عمل تُحفز الانتقال نحو رواتب عادلة تستند إلى الكفاءة والإنتاجية.

وهذا يتطلب سياسات شاملة تهدف إلى توفير بيئة عمل جاذبة، تعزز الابتكار، وتمنح الأمل للكفاءات في بناء مستقبلهم داخل البلاد.
في الوقت ذاته، لا يُعقل أن نُطالب الحكومة بالتنمية ونُقيدها بكل قرار أو قضية جزئية.

فالمهم هو النظر إلى النتائج النهائية والسياسات الشاملة التي تحقق الأهداف التنموية.

إذا أردنا تحقيق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي والتنمية المستدامة، فإن الاستثمار في رأس المال البشري هو الطريق الأمثل، وأن توفير بيئة عمل محفزة للكفاءات لا يساهم فقط في تقليل هجرة العقول، بل يُسرّع تنفيذ المشاريع الوطنية الكبرى ويعزز مكانة الأردن على الساحة الدولية.

المرحلة القادمة في خطة التحديث الاقتصادي تتطلب رؤية بعيدة المدى تُركز على تطوير سياسات الأجور وربطها بالإنتاجية، وتحفيز الابتكار، وتوجيه الكفاءات نحو المساهمة الفاعلة في تحقيق الأهداف التنموية.

ومن باب التفاؤل، ندعو إلى توثيق إنجازات العقول الأردنية التي أسهمت في مشاريع تنموية كبرى حول العالم من خلال سجل وطني شامل. هذا السجل سيحفظ إرثهم، ويربط إنجازاتهم بالجهات والمشاريع التي عملوا فيها، ليكون مصدر فخر وإلهام للأجيال القادمة ودافعًا لتقدير الكفاءات الوطنية وتعزيز دورها في بناء مستقبل الوطن.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير