جفرا نيوز -
إعداد: الدكتور عادل محمد الوهادنة
(( محاولة جادة للتعامل مع تحدٍ مركب في الأردن بأسلوب علمي وعميق، يضع الحلول على الطاولة بدلًا من الاكتفاء بطرح الإشكالات.))
المقدمة
القطاع الصحي الأردني، رغم إنجازاته، لا يزال محور نقاش حاد بين السلطات التشريعية والتنفيذية. تتكرر تساؤلات البرلمان حول كفاءة توزيع الموارد، فعالية التخطيط، ومستوى الخدمات الصحية، في حين تواجه السلطة التنفيذية صعوبة في تقديم أرقام مقنعة أو خطط مدعومة ببيانات واضحة.
يهدف هذا المقال إلى تحليل الفجوة القائمة بين طروحات السلطة التشريعية وردود السلطة التنفيذية من خلال نماذج حقيقية ومفترضة. كما يسعى لطرح حلول مدعومة بالأرقام، مستندة إلى تجارب دول متقدمة.
1. أهم تساؤلات القطاع التشريعي وردود القطاع الصحي في الأردن
أ. أبرز تساؤلات السلطة التشريعية
1.توزيع الخدمات الصحية:
oسؤال: لماذا يتركز 78% من الأطباء الاختصاصيين و85% من المستشفيات الكبرى في عمّان وإربد؟
oرقم: تشير بيانات وزارة الصحة لعام 2023 إلى أن 38% من سكان المحافظات البعيدة يضطرون للسفر لمسافة تزيد على 50 كم للحصول على خدمات صحية متقدمة.
2.كفاءة الأداء المالي:
oسؤال: لماذا يتكرر العجز السنوي في ميزانية القطاع الصحي؟
oرقم: بلغ العجز الصحي عام 2023 حوالي 180 مليون دينار أردني، ما يعادل 15% من الميزانية المخصصة للقطاع.
3.البنية التحتية الطبية:
oسؤال: ما أسباب التأخير في إنجاز المشاريع الصحية الكبرى؟
oرقم: مشروع مستشفى الأميرة بسمة الجديد في إربد، الذي بدأ عام 2018، ما زال متعثرًا بنسبة إنجاز لا تتجاوز 65%، مع تأخر زمني بلغ 4 سنوات.
ب. ردود السلطة التنفيذية
•توزيع الخدمات الصحية: تم الإشارة إلى برنامج "اللامركزية الصحية" لتحسين الخدمات الريفية، لكن نسبة التنفيذ لم تتجاوز 20% حتى نهاية 2023.
•الأداء المالي: ردت الوزارة بأن الزيادة السكانية بنسبة 2.3% سنويًا وضغوط اللاجئين (3 ملايين لاجئ مسجل) تستهلك الموارد الصحية.
•البنية التحتية: أكدت السلطة التنفيذية أن العقبات الإدارية وارتفاع التكاليف بسبب التضخم أدى إلى تأخير المشاريع.
2. حالات حقيقية ومفترضة لتوضيح الفجوة
حالة حقيقية: الإنفاق على الأدوية
•المشكلة: ارتفاع الإنفاق على الأدوية بنسبة 12% عام 2023 مقارنة بـ2022، دون تقارير واضحة عن فاعلية العقود الموقعة مع الموردين.
•التساؤل التشريعي: لماذا تستهلك الأدوية 40% من الميزانية الصحية؟
•الرد التنفيذي: الوزارة استشهدت بارتفاع أسعار الأدوية عالميًا، لكن لم تقدم تفاصيل مقارنة مع دول مشابهة.
حالة مفترضة: مشروع تطوير الخدمات الإلكترونية الصحية
•الخلاف: تم تقديم مشروع إلكتروني بقيمة 10 ملايين دينار لتحسين إدارة البيانات الصحية، لكن لم يتم توفير تقارير تُظهر تحقيق أهداف المشروع.
•النتيجة: البرلمان رفض تخصيص ميزانية إضافية لاستكمال المشروع.
3. تجارب دول متقدمة لتجسير الفجوة
أ. ألمانيا: الشفافية الرقمية
•النموذج: تُلزم القوانين الألمانية الوزارات بنشر تقارير شهرية حول الأداء الصحي تشمل عدد المستفيدين، الكلفة لكل خدمة، ونسبة الإنجاز.
•النتائج: زادت الثقة الشعبية بالأداء الصحي بنسبة 62% خلال خمس سنوات.
ب. السويد: ميزانيات مشتركة بين البرلمان والحكومة
•النموذج: تعتمد السويد آلية "الميزانيات المشتركة"، حيث يُلزم الطرفان بالموافقة على مشاريع عبر لجان مراجعة محايدة.
•النتائج: خفضت الفجوة بين التشريع والتنفيذ بنسبة 50%.
ج. كندا: لجان ميدانية برلمانية
•النموذج: يُرسل البرلمان لجانًا ميدانية لتقييم المشاريع الصحية قبل وبعد التنفيذ، بمشاركة مختصين خارجيين.
•النتائج: انخفضت الخلافات التشريعية التنفيذية بنسبة 45%.
4. أرقام تدعم التحليل في الأردن
•معدل إنفاق الفرد على الصحة في الأردن عام 2023: 510 دولار سنويًا، مقارنة بـ700 دولار في دول مشابهة.
•نسبة الأسرّة لكل 10,000 نسمة: 14 سريرًا، مقارنة بـ25 سريرًا عالميًا.
•نسبة الأطباء لكل 1,000 نسمة: 2.6 طبيب، مقارنة بـ3.5 في الدول الأوروبية.
الخلاصة
الخلافات بين السلطات التشريعية والتنفيذية في الأردن ليست مرتبطة فقط بتباين الرؤى، بل بانعدام آليات تضمن الشفافية والكفاءة في الردود.
•الفرص: يمكن استخدام نماذج دولية مثل الشفافية الرقمية أو الإدارة المشتركة لتجاوز الفجوة.
•التوصيات:
1.إنشاء لجنة مشتركة من البرلمان والوزارة لتقييم الأداء الصحي بشكل دوري.
2.تطبيق أنظمة رقمية شفافة تُظهر أداء القطاع الصحي بشكل مستمر.
3.تضمين مؤشرات قياس الأداء بشكل تفصيلي في الردود التنفيذية.
المراجع
1.Ministry of Health, Jordan, Statistical Report (2023).
2.World Bank, Public Health Indicators in the MENA Region (2023).
3.German Federal Health Transparency Initiative, Annual Review (2022).
4.Swedish Parliament Health Reports, Stockholm University Press (2021).
5.Canadian Health System Performance Study, Ottawa Research Institute (2022).