النسخة الكاملة

«مخدة».. من لحم ودم

الخميس-2024-12-12 11:26 am
جفرا نيوز -

رنا حداد

«اللي كان يموت.. كانوا السجناء يعملوا من جثته مخدة» .

هذه العبارة على لسان أحد السجناء الأردنيين الذين أفرج عنهم بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، إنما تعكس صورة حيث الحياة والموت يتداخلان بطريقة درامية وساخرة.

في هذا السياق، سجناء في بيئة موحشة، لا إنسانية ووسط ظروف قاسية وصلت بهم حد استخدام الجثث في عمل أشياء عادية، مما يعكس الوحشية واللامبالاة تجاه الموت في تلك البيئة القاهرة والقاتلة للمشاعر الإنسانية.\

هل ينم هذا التصرف عن تصالح مع واقع لا يمكن تغييره؟

ام هو سخرية سوداء للتعامل مع مثل هكذا مآسي إنسانية،؟

الجواب الأقرب هو كم اليأس الذي وصل اليه انسان مسجون فقد قدرته على الإحساس بمعاني الحياة والموت. بل انها سخرية من الموت وتحايل عليه من خلال تحويله إلى شيء آخر، أداة للبقاء والراحة وسيرورة الحياة والأيام.
جثة انسان، تصبح أداة تستخدم في سياق الحياة العادية لإنسان آخر، ضاربين عرض الحائط أو الزنزانة بكل قيمة إنسانية حتى الموت.

نعم، يتغير البشر تبعا للبيئات التي يعيشون فيها، وتصبح البيئة المتدهورة، كارثة على خلق وأخلاق الإنسان، فلا كرامة لجسد ولا قيمة لروح، هذه المشاعر الإنسانية تصبح رفاهية لا يمكن تحصيلها، هنا يصبح الموت مصدر راحة بدلا من الحزن والخوف.

المخدة، الملاذ والراحة والهدوء، يلجأ إليه الرأس باحثا عن احتضان لفكره وحلمه، كانت في حالة نظام قاس، لحما ودما بشريا، عاث خرابا نفسيا وجسديا في بشر حتى جبرهم على التكيف مع اللامبالاة تجاه الموت.

تصالح الإنسان مع واقع لا يمكن تغييره، هو يأس بشع وقبول ان يجد الانسان راحته على مخدة احلام من لحم ودم.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير